للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول الفراء صحيح وإن أنكره ابن قتيبة، موافق لمذاهب العرب في فنون مخاطباتها، فإنهم يفعلون الشيء للضرورة، ثم يصير وجهًا ومذهبًا لهم في الكلام، حتى يجيزوه وإن لم تدع إليه ضرورة. وعلى هذا الطريق أراد: بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً: البهائم التي لا تعقل ولا تفهم ما يقول الراعي، إنما تسمع صوتًا ولا تدري ما تحته، لو قال لها: كلي واشربي لم تقف على معنى قوله، فالذين كفروا يسمعون كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم كالغنم، إذ كانوا لا يستعملون ما يأمرهم به، ولا ينتهون عما نهاهم عنه. وهذا قول ابن عباس (١) وعكرمة ومجاهد وقتادة وعطاء والربيع (٢) والسدي (٣).

والطريق الثاني في الآية: هو أن معناها: ومثل الكفار في قلة فهمهم وعقلهم، كمثل الرعاةِ يكلمون البَهم والبهم لا تعقل عنهم، وعلى هذا التفسير لا تحتاج الآية إلى إضمار (٤).

وقال عبد الرحمنُ بن زيد: معنى الآية: ومثل الذين كفروا في دعائهم الأصنام وعبادتهم الأوثان، كمثل الرجل الذي يصيح في جوف الجبال، فيجيبه منها صوت يقال له: الصدى، يجيبه ولا ينفعه (٥)، وتقدير الآية على


(١) رواه عنه الطبري ٢/ ٨٠، وابن أبي حاتم ١/ ٢٨٢.
(٢) رواه عن عكرمة ومجاهد وقتادة وعطاء والربيع: "الطبري" ٢/ ٧٩، وذكره "الثعلبي" ١/ ١٣٣٤.
(٣) رواه عنه الطبري ٢/ ٨٠، وابن أبي حاتم ١/ ٢٨٢.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٣٨، "الوسيط" للواحدي ١/ ٢٥٥، والرازي ٥/ ٨، والقرطبي ٢/ ١٩٧ - ١٩٨.
(٥) رواه عنه الطبري ٢/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>