للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصلهم بغيره. وكذلك يجوز الفصل بالقسم في الصلة، ولا يجوز ذلك في غيره، فبان (١) بما ذكرنا أنه لا وجه لقول الكسائي، وهذا كله كلام أبي علي. ثم قولُ الكسائي ضعيف أيضا في المعنى؛ لأنه يَضْعُفُ أن يُقَال: معنى الآية: ولكن البرّ من آمن بالله وآتى الصابرين. والصحيح: أنَّ ما بعد {آمَنَ} تَعدادٌ لأفعال {مَنْ آمَنَ} وأوصافه.

والوجه في نصب {وَالصَّابِرِينَ} قولُ الفراء، وهو أنه ذهب به إلى المدح، وإن كان مِنْ صفة {مَنْ}، والعرب تعترض في صفات الواحد إذا تطاولت بالمدح أو الذم، فينصبون بعض المدح، وإن كان الاسم رفعًا، كأنهم ينوون إخراج المنصوب بمدح مجدد غير متبع لأول الكلام، من ذلك قولُ الشاعر:

لا يَبْعَدَنْ قومي الذين هُمُ ... سَمُّ العُداةِ وآفةُ الجُزْر

النازلينَ بكلِّ مُعْتَرَكٍ ... والطيبين معاقِدَ الأزْرِ (٢)

فنصبوا النازلين والطيبين على المدح.

وأنشد أيضا:

إلى الملك القَرْمِ وابنِ الهمام ... وليثَ الكتيبةِ في المُزْدَحمْ (٣)


(١) في (ش): (فان).
(٢) البيتان لخرنق بنت بدر بن هفَّان، ترثي زوجها ومن قتل معه، في "ديوانها" ص ٤٣، "معاني القرآن" للفراء، "لسان العرب" ٧/ ٤٤٥٤ (نضر). وفي "الكتاب" لسيبويه ٢/ ٦٤، لكن قال: (والطيبون) قال الفراء: وربما رفعوا (النازلون) (الطيبون)، وربما نصبوهما على المدح، والرفع على أن يُتْبَعَ آخرُ الكلام أوّلَه.
(٣) البيت بلا نسبة في "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٠٥، "الإنصاف" ص ٣٧٦، "الخزانة" ١/ ٢١٦. والقَرْم: السيد المعظم.

<<  <  ج: ص:  >  >>