للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنصب ليثَ الكتيبة على المدح، والاسم قبله مخفوض (١).

وقال أبو علي مختارًا هذا القول: الأحسن عندي في هذه الأوصاف التي تعطف وتذكر للرفع من موصوفها والمدح أو النقص منهم والذم: أن يخالف (٢) بإعرابها، ولا يجعل كلها جارية على موصوفيها؛ لأن هذه المواضع من مواضع الإطناب في الوصف، والإبلاغ في القول، فإذا خُولِفَ بإعراب الأوصاف كان أشدَ وأوقعَ فيما يعني لضرورةِ الكلام، وكونه بذلك ضروبًا وجملًا (٣)، وكونه في الإجراء على الأول وجهًا واحدًا وجملةً واحدة (٤). ونص سيبويه في قوله: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} [النساء: ١٦٢]، أنه نصبٌ على المدح. انتهى كلامه (٥).

ومعنى المدحِ والذمِّ في النحو: أن العربَ لما أطنبت في وصفٍ بمدح أو ذم سلكت طرقًا، وأتت بأوصاف كثيرة، فلذلك خالفت بإعراب الأوصاف، تنويهًا بالموصوف وتنبيهًا على المراد، كأنهم ظنوا أنهم لو أجروا الأوصافَ على نحوٍ واحدٍ، كانوا قد أَتوا بوصفٍ واحدٍ. وأما علة اختلاف الحركة في المدح والذم: فقال الفراء: أصل المدح والذم من كلام السامع، وذلك أن الرجل إذا أخبر الرجل، فقال له: قام زيد، أثنى السامع عليه، فقال: ذكرت والله الظريف، ذكرت العاقل، وهو والله الظريف، هو العاقل، فأراد المتكلم أن يمدحه بمثل ما مدحه به السامع،


(١) من "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٠٦ بتصرف، واختاره الطبري في "تفسيره" ٢/ ١٠٠.
(٢) في (ش): (لا تخالف).
(٣) في (م): (وحولًا).
(٤) نقله عنه الرازي في "تفسيره" ٥/ ٤٥، ونقله في "البحر المحيط" ٢/ ٧ - ٨.
(٥) "الكتاب" لسيبويه ٢/ ٦٣ - ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>