للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تستعمل في غيره، لكن الكلمة إذا كثر استعمالها في معنى ويكون موضوعها لمعنى آخر فإنها تصير حقيقةً فيما استعملت فيه كثيرًا، حتى إذا أطلق لم يعرف غير ذلك، كما تقول في المباضعة، فإن أصلها من البَضْع، وهو قَطْعُ اللحم، فإذا أطلق لم يعرف منه غير معنى الجماع، كما أن نفس قولنا: فَرْج كناية، فإذا أطلقوا الفرج لم يعرف منه غير هذا المعنى المقصود إليه.

وقالوا: بَاضَعَها كأنه باشر بُضْعَها، ولم يقولوا: فارجها، وصارت المباضعة كالحقيقة في معنى الجماع؛ لأنهم لا يستعملونها في غيره، ألا ترى أنهم يقولون: غَشِيَها وتَغَشَّاها، ووَطِئَها وتوطاها، وقربها، وبَطَنَها وتَبَطَنَها، وكل هذه الألفاظ موضوعةٌ لغير هذا المعنى (١).

وذكر جماعة من أهل هذه الصناعة: أن صريحَ اللفظ المستعمل في المباضعة قولهم: ناك ينيكُ نَيْكا، وليس كما ذهبوا إليه؛ لأن هذه اللفظة مستعارة أيضا، وقد ذكر أبو زيد عن العرب: ناكَ النعاسُ عينَهُ، ونكح النعاس بمعنى (٢)، فجعل أصل الكلمة اللزوم والمواظبة.

وأما معنى النكاح فسنذكره عند قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: ٢٢١]، إن شاء الله.

قال أبو عبيدة: الرّفث إلى نسائكم: الإفضاء إلى نسائكم (٣)، قال الأخفش: وانما عدّاه بإلى لأنه كان بمعنى الإفضاء (٤).


(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٨.
(٢) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٥٩، "اللسان" ٨/ ٤٥٣٧.
(٣) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٦٧، "البحر المحيط" ١/ ٤٨.
(٤) لم أجده في "معاني القرآن" للأخفش.

<<  <  ج: ص:  >  >>