للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} قال أهل المعاني: معناه: يجازيكم الله العالم به، إلا أنه جعل {يَعْلَمْهُ اللَّهُ} في موضع يجازيه؛ لأن المجازاة إنما تقع من عالم بالشيء، وفيه: حث لهم على فعل الخيرات، وأن الله تعالى ليس بغافل عنهم وعن مجازاتهم، ومتى علم العامل أن الذي يُعْملُ له العملُ يعلم ذلك وليس بغافل عنه كان أحرصَ على عمله (١).

وقوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} نزلت في ناس من أهل اليمن كانوا يحجون بغير زاد، ويقولون: نحن متوكلون، ثم كانوا يسألون الناس، وربما ظلموهم وغصبوهم، فأمرهم الله سبحانه أن يتزودوا (٢)، فقال: {وَتَزَوَّدُوا} ما تتبلغون به {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ما تكفُّون به وجوهكم عن السؤال وأنفسكم. وفي هذا حَثٌّ على التزود للآخرة، وتنبيهٌ عليه (٣)، لأن الآية أفادت بيان الزادين، وذلك أن اللفظةَ العامة إذا أفادت فوائد ولم تكن متنافية، فلابد من استفادتها جميعًا، ويكون


(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٧٨، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٥٣٦، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٦٩، "البحر المحيط" ٢/ ٩٢، "التفسير الكبير" ٥/ ١٨٢.
(٢) وردت هذه القصة عن جمع من السلف، أشهرهم ابن عباس، روى حديثه البخاري (١٥٢٣) كتاب الحج، باب: قوله تعالى. وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، وأبو داود (١٧٣٠) كتاب المناسك، باب: التزود في الحج، والنسائي في "تفسيره" ١/ ٢٤٥، والطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٧٨، والخلال في "الحث على التجارة" ص١٤٧، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٦٣، عن عكرمة عن ابن عباس، وذكر الطبري الرواية بذلك عن ابن عمر وابن عباس وعكرمة، والنخعي وابن زيد ومجاهد، دون ذكر لقوم معينين، وذكر الرواية بتعيين أهل اليمن عن مجاهد والحسن والربيع وقتادة. ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٧٨ - ٢٨١، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٥٣٦.
(٣) "تفسير الثعلبي" ٢/ ٥٢٧، وينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٨١، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٧٢، "التفسير الكبير" ٥/ ١٨٢ - ١٨٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٨٨ - ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>