للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفر فيه، فلا إثم عليه في تأخُّرِه (١).

فإن قيل: إنما يخاف الإثم المتعجل. فما بال المتأخر أُلحق به، والذي أتى أفضل؟

قيل: معناه: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فهو مبرور مأجور. فقال: (فلا إثم عليه) وهو يريد هذا المعنى لتوافق اللفظةُ الأولى الثانيةَ، وتكون على مثلِ سبيلها، وقد ذكرنا أنه حُمِلَ على موافقة اللفظ بما لا يصلح في المعنى (٢) وهو قوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} [الشورى: ٤٠]، وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: ١٩٤]، فَلأَن يحمل على موافقة اللفظ بما يَصِحُّ في المعنى أولى؛ لأن المبرور المأجور يصح في المعنى نفيُ الإثم عنه.

وقيل: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه في استعماله الرخصة، ومن تأخر فَتَرْكُه استعمالَ الرخصةِ غيُر مؤثم له أيضًا.

وقيل: فمن تَعَجَّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه من آثامهما التي كانت عليهما قبل أن يَحُجَّا، يدل على صحة هذا الوجه: ما روى منصور (٣)، عن أبي حازم (٤)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من


(١) "تفسير الثعلبي" ٢/ ٦٢٢، وينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٠٥، "زاد المسير" ١/ ٢١٨، "تفسير القرطبي" ٣/ ٤.
(٢) في (أ) و (م): ليوافق اللفظ ما لا يصح في المعنى.
(٣) هو: منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، أبو عتاب الكوفي، أحد الأئمة الثقات، وكان أثبتَ أهلِ الكوفة، اشتهر بالعبد والصلاح، ذكر العجلي أن فيه تشيعا قليلا وليس بمغال، توفي سنة ١٣٢ هـ ينظر: "الجرح والتعديل" ٦/ ٩٢، "تاريخ بغداد" ١١/ ١٢٠.
(٤) هو: سلمان أبو حازم الأشجعي الكوفي، روى عن ابن عمر وأبي هريرة، وروى =

<<  <  ج: ص:  >  >>