للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغيره من العلماء، يرون القتال في الشهر الحرام، قال أبو عبيد: والناس اليوم بالثغور جميعًا على هذا القول، يرون الغزو مباحًا في الشهور كلها حلالها وحرامها ولم أر أحدًا من علماء الشام والعراق ينكره عليهم، وكذلك حب قول أهل الحجاز، والحجة في إباحته قوله جل ثناؤه: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥]، هذه الآية عندهم ناسخة لتحريم القتال في الشهر الحرام.

وقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ} يعني: مشركي مكة، وهو فعل لا مصدر له، يقال: ما يزال يفعل كذا، ولا (١) يزال، ولا يقال منه فاعل ولا مفعول، ومثله من الأفعال كثير، نحو: (عسى)، ليس له مصدر ولا مضارع، وكذلك {وَذَرُوا مَا بَقِيَ} [البقرة: ٢٧٨]، وهَلُمّ وهَاكَ وهَاتِ وتَعَالَوا.

ومعنى (لا يزالون) أي: يدومون، وكأن هذا مأخوذ من قولهم: زال عن الشيء، أي: تركه، فقولك: ما زال يفعل كذا، أي: لم يتركْه، وقلّ ما يتكلم به إلا بحرف نفي لأنه يبطل المعنى، وذلك أنك إذا قلت: زال زيد، فإنما أثبت زوال القيام، فإذا أدخلت حرف النفي نفيت الزوال، وبينت معنى الدوام، ومثله: (ما برح) بهذا التقدير سواء (٢).

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} أظهر التضعيف مع الجزم؛ لسكون الحرف الثاني، وهو أكثر في اللغة من الإدغام (٣).


(١) في (ي)، (ش) (أولا يزال).
(٢) ينظر في زال وأحكامها: "المقتضب" للمبرد ٣/ ٩٦ - ١٨٩، ٤/ ١١٩ - ١٢٠، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٧٧، "المفردات" ٢١٦، "اللسان" ٣/ ١٩٠١"زول".
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩٠، "التبيان" ص ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>