للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَيَمُتْ} جزم بالعطف على {يَرْتَدِدْ} (١) (٢) وجوابهما (٣): قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} أي: بطلت، يقال: حَبِطَ عملُ الرجلِ يَحْبَطُ حَبَطًا وحُبُوطًا، وأَحْبَطَه اللهُ إِحْبَاطًا (٤)، وأصله: من الحَبَط، وهو فساد يلحق الماشية في بطونها لأكل الكلأ حتى تَنْتَفِخَ أجوافها، ومنه الحديث "وإن مما (٥) ينبت الربيعُ ما يقل حَبَطًا" (٦). وسمي بطلان الأعمال بهذا لأنه كفساد الشيء لمصيره إلى ما لا ينتفع به (٧)، والحكم في هذا أن المسلم إذا ارتد -أعاذنا الله من ذلك- فأعماله وطاعاته موقوفة، فإن عاود


(١) في (ي) (يرتد).
(٢) "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧٦٨، "التبيان" ص ١٣٣.
(٣) في (ش) (وجوابها).
(٤) ونقل في "تهذيب اللغة" ١/ ٧٢٦ "حبط" عن ابن السكيت، يقال: حَبَط عملُه يحبُط حبْطا وحُبوطا، بسكون الباء، وحبِط بطنُه إذا انتفخ يحبَط حبَطا فهو حبِط، ورأيت بخط الأقرع في كتاب ابن هانىء: حبَط عملُه يحبُط حبوطا وحبْطا، وهو أصح، ثم قال في ١/ ٧٢٨: قلت: ولا أرى حبْط العمل وبطلانه مأخوذا إلا من حبَط البطن؛ لأن صاحب الحبَط يهلِك، وكذلك عمل المنافق والمشرك يحبط، غير أنهم سكنوا الباء من قولهم: حبط بطنُه يحبَط حبْطا، كذلك أثبت لنا عن ابن السكيت وغيره.
(٥) في (ي): (ما).
(٦) أخرجه البخاري (٦٤٢٧) كتاب: الرقاق، باب: ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، ومسلم (١٠٥٢) كتاب الزكاة، باب: تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا. قال الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٧٢٧: هو مثل الحريص المفرط في الجمع والمنع، وذلك أن الربيع يُنْبِتُ أحرار العشب التي تَحْلَوْليها الماشية فتستكثر منها حتى تنتفخ بطونها وتهلِك، وكذلك الذي يجمع الدنيا، ويحرص عليها ويشحّ على ما جمع حتى يمنع ذا الحق حقه منها.
(٧) ينظر في حبط: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٢٦، "المفردات" ص ١١٣ - ١١٤، "عمدة الحفاظ" ١/ ٤٢٣ - ٤٢٥، "لسان العرب" ٢/ ٧٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>