للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله الذي تلي عليكم من ترك العضل، ووحَّد الكاف وهو يخاطب جماعة؛ لأن الجماعة في معنى القبيل (١).

وقال الفراء: {ذَلِكَ} حرف، كثر في الكلام حتى تُوُهِّمَ بالكاف أنها من الحروف، وليست بخطاب، فعلى هذا يجوز أن يخاطب المرأة والرجل والواحد والاثنان والجماعة بالكاف المنصوبة، ومن جعل الكاف للخطاب ثنى وجمع وأنث (٢)، وقد نزل القرآن باللغتين جميعًا قال الله تعالى: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} [يوسف: ٣٧]. {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} [يوسف: ٣٢]. وقال: {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ} [الطلاق: ٢]. وقال: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: ٢٢].

وأنكر الزجاج هذا وقال: اللهُ خاطب العرب بأفصح اللغات، وليس في القرآن تَوَهُّم، تعالى الله عن هذا (٣)، وقول الفراء صحيح، وإن أنكره الزجاج؛ لأن التوهم تعود إلى العرب هم توهموا ذلك، والله تعالى يخاطبهم بلغتهم، وهذا كقولهم: تمكن فلان من الشيء، توهموا أن ميم المكان أصلي فبنوا منه الفعل، ولهذا نظائر في كلامهم، يجعلونَ الحرفين بمنزلة حرف واحد، كما قلنا (٤) في (ماذا)، وهو كثير.

وقال صاحب النظم: الكاف في (ذلك) مَنْ جَعَلَه للخطاب أظهَرَ


(١) ذكر في "البحر المحيط" ٢/ ٢١٠: أن ذلك خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: لكل سامع، ثم رجع إلى خطاب الجماعة فقال: (منكم)، وقيل: ذلك بمعنى ذلكم.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٤٩ بمعناه، وينظر "تفسير الطبري" ٢/ ٤٨٨ - ٤٨٩، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١١، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١١٣٣.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١١.
(٤) في (ي): (قال).

<<  <  ج: ص:  >  >>