للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلا بوليٍّ؛ لإجماع المفسرين أن هذا الخطاب للأولياء، ولو صَحَّ نكاحٌ دون ولي لم يتصوَّر عضل، ولم يكن لنهي الله عن العضل معنى (١).

وزعم (٢) قوم أن (٣) المعني بالنهي عن العضل: الزوج، وأن البلوغ هاهنا: مقاربة انقضاء العدة، ومعنى عضلها: أن يطلقها واحدة ثم يمهلها حتى تقارِبَ انقضاء العدة، ثم يراجعها، ثم يطلقها، ويطول عليها بالعدة بعد العدة، فذلك العضل، وهذا خلاف ما أجمع عليه المفسرون، ثم ما ذكروا مستفاد من الآية الأولى فلا تحمل هذه على ما وردت فيه الأولى، ثم في نفس هذه الآية ما يقطع بفساد ما قالوه، وهو أنه قال: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ} فقرن النهي عن العضل بشرط التراضي بالنكاح ولا يكون التراضي بالنكاح (٤) إلا بعد التصريح بالخطبة والنكاح، وقد نهى الله عز وجل عن ذلك بقوله: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥] وعلى ما ذكروا لا يكون هذا التراضي إلا قبل انقضاء العدة، وقبل بلوغ الكتاب أجله، إذ لا يكون العضل من الزوج إلا في ذلك الوقت، ولا يكون العضل من الولي إلا بعد بلوغ الكتاب أجله وانقضاء العدة، فوقوع التراضي بالنكاح في هذا الوقت أولى (٥).

وقوله تعالى: {ذَلِكَ يُوعَظُ} {ذَلِكَ} إشارة إلى ما سبق، أي: أمر


(١) من "تفسير الثعلبي" ٢/ ١١٢٨ - ١١٢٩، وينظر "تفسير الطبري" ٢/ ٤٨٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١٠.
(٢) في (ي): (زعم).
(٣) في (م): (إلى أن).
(٤) سقط من (ش).
(٥) ينظر: "التفسير الكبير" ٦/ ١٢٠ - ١٢١، وقد نصر القول الذي رد عليه الواحدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>