للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أصحاب الأخبار: إن الله تعالى أنزل على آدم تابوتًا فيه صور الأنبياء من أولاده، فتوارثه أولاد آدم إلى أن وصل إلى يعقوب، فكان في بنى إسرائيل، وكانوا إذا اختلفوا في شيء تكَلَّم وحكم بينهم، وإذا حضروا القتال قدموه بين أيديهم يستفتحون به على عدوهم، وكانت الملائكة تحمله فوق العسكر وهم يقاتلون العدو، فإذا سمعوا من التابوت صيحة استيقنوا النصرة، فلما عصوا وفسدوا سلط الله عليهم العَمَالقة، فغلبوهم على التابوت، وسلبوه فلما سألوا نبيهم البينة على ملك طالوت دعا النبي ربه، فنزل بالقوم الذين غلبوا (بنى إسرائيل على التابوت) (١) داء بسببه، وذلك أنهم كانوا قد أخذوا التابوت فجعلوه في موضع غائطهم وبولهم، وكل من بال عنده أو تغوط ابتلاه الله بالبواسير، حتى تنبهوا أن ذلك لاستخفافهم بالتابوت، أخرجوه ووضعوه (٢) على ثورين، فأقبل الثوران يسيران، ووكل الله بهما أربعة من الملائكة يسوقونهما (٣)، حتى أتوا به منزل طالوت، فلما رأوا التابوتَ عند طالوت، علموا أن ذلك إمارة ملكه عليهم، فذلك قوله: {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} الآية (٤).

والإتيان على هذا مجاز لأنه أُتِيَ به ولم يأت هو، فنسبَ الإتيان إليه توسعًا، كما يقال: ربحت الدراهم، وخسرت التجارة، وعزم الأمر.

وقال آخرون: إن التابوت لم تحمله الملائكة ولا الثوران، بل كان


(١) ساقط من (ي).
(٢) في (ي) (فوضعوه) وفي (م) (قضعوه)
(٣) في (ي) (يسوقونها).
(٤) تنظر القصة بطولها في: "تفسير الطبري" ٢/ ٦٠٧ - ٦٠٨، "تاريخ الأمم والملوك" ١/ ٤٦٩، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٣٥٨ - ١٣٦٢، "تفسير البغوي" ١/ ٢٩٨ - ٢٩٩، "البحر المحيط" ٢/ ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>