للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسير بقدرة الله عز وجل، بلا حامل يحمله، ولا جارٍّ يجره، وهم ينظرون إليه، والملائكة تحفظه وترعاه، حتى وضع عند طالوت، وهذا قول ابن عباس، وعلى هذا الإتيان حقيقة في التابوت.

وأضيف الحمل إلى الملائكة في القولين جميعًا؛ لأن من حفظ شيئًا في الطريق ورعاه جاز أن يوصف بحمل ذلك الشيء وإن لم يحمله، كما يقول القائل: حملت الأمتعة إلى زيد، إذا رعاها وحفظها في الطريق، وإن كان الحامل غيره، وتقول: حملت متاعي إلى مكة، ومعناه: كنت سببًا لحمله (١).

وقوله تعالى: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} قال وَهْبٌ: السكينة: روح من الله يتكلم، وكانوا إذا اختلفوا في أمر نطق ببيان ما يريدون (٢).

وقال قتادة (٣) والكلبي (٤): هي فعيله من السكون، أي: طمأنينة من ربكم. وفي أي مكان كان التابوت اطمأنوا إليه وسكنوا.

وهذا اختيار الزجاج. قال: أي: فيه ما تسكنون به إذا أتاكم (٥).

والسكينة: مصدر وقع موقع الاسم، نحو القضية والعزيمة، وهذا معنى قول الحسن، قال: جعل الله لهم في التابوت سكينةً لا يفرُّون عنه


(١) قال أبو حيان في "البحر المحيط" ٢/ ٢٦١: وقد كثر القصص في هذا التابوت والاختلاف في أمره، والذي يظهر أنه تابوت معروف حاله عند بني إسرائيل كانوا قد فقدوه، وهو مشتمل على ما ذكره الله تعالى مما أبهم حاله، ولم ينص على تعيين ما فيه.
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ١٠٠، والطبري في "تفسيره" ٢/ ٦١٢، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٤٦٩.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٦١٣، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٤٧٠.
(٤) ذكره السمرقندي في "بحر العلوم" ١٢١٩، والثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٣٥٦.
(٥) في "معاني القرآن" ١/ ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>