للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البقرة: ٢٦٠] والمراد بإحياء القرية: عمارتها (١).

وقال آخرون: إنه لما رأى خلاءها (٢) من السكان وتهدم أبنيتها استبعد أن يعمرها الله، لا منكرًا للقدرة، ولكن متعجبًا منها لو كانت (٣).

ومعنى أنى: من أين، كقوله: {أَنَّى لَكِ هَذَا} [آل عمران: ٣٧] يعني: من أين يفعل الله ذلك، على معنى: أنه لا يفعله. فأحب الله تعالى أن يُرِيَه آيةً في نفسه، وفي إحياء القرية، فأماته الله مائةَ عَامٍ. قال وهبٌ: ربط أرميا حمارَه بحبل جديد، فألقى الله عليه النوم، فلما نام نزع الله منه الروحَ مائة عام، وأماتَ حماره، وعصيرُه وتِيْنُه عنده، وأعمى الله سبحانه عنه العيون، فلم يَرَهُ أحدٌ، وذلك ضُحَى، ومنع اللهُ السباعَ والطيرَ لحمَه، فلما مضى من موته سبعون سنة أرسل الله عز وجل مَلَكًا إلى ملك (٤) من ملوك فارس عظيم، يقال له: نوشك، فقال: إن الله عز وجل يأمرك أن تنفر بقومك فَتَعْمُر بيتَ المقدس وإيليا وأرضَها حتى تعودَ أَعْمَر ما كان، فانتدب الملك لعمارتها، وأهلك الله بُخْتَنَصّر، ورَدّ من بقي من بني إسرائيل إلى بيت المقدس، فعمروها ثلاثين سنة، وكثروا حتى كانوا على أحسن ما كانوا عليه، فلما مضت المائة أحيا الله منه عينيه، وسائرُ جسدِه ميت، ثم أحيا جسدَه وهو ينْظُر، ثم نظر إلى حماره فإذا عظامه بيض متفرقة (٥) تلوح، فسمع صوتًا من السماء: أيتها العظام البالية، إن الله يأمرك أن تكتسي


(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٣/ ٣٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٠٥.
(٢) كتبت في (ي) و (ش) (خلاها)، وفي (أ) و (م): (حلآها).
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٤٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٥٠٥، "التبيان" ص ١٥٥، "البحر المحيط" ٢/ ٢٩١.
(٤) ساقط من (ي).
(٥) في (ي): (متفرقة بيض).

<<  <  ج: ص:  >  >>