للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من حيث هو عائد عليها، وللفقراء من حيث هو واصل إليهم، وليس من {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧] لأن الأمر لازم للمستطيع خاصة.

ولا يجوز أيضًا أن يكون العامل في هذه اللام (تنفقوا) إلا الأخير في الآية المتقدمة؛ لأنه لا يفصل بين العامل والمعمول فيه بما ليس منه، كما لا يجوز: كانت زيدًا الحُمّى تأْخُذُ (١).

وقوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الإحصار في اللغة: أن يعرِضَ للرجل ما يحول بينه وبين سفره، من مرض أو كسر أو عدوٍّ أو ذهابِ نفقةٍ أو عَطَبِ رِكَابٍ، أو ما جرى مجرى هذه الأشياء. يقال: أُحْصِرَ الرجل فهو مُحْصَر، ومضى الكلام في معنى الإحصار عند قوله: {فَإِنْ أحُصِرتُم} [البقرة: ١٩٦] بما يغني عن الإعادة.

فأما التفسير، فقد فسرت (٢) هذه الآية بجميع الوجوه والأعذار (٣) التي ذكرنا في معنى الإحصار، فقال قتادة: حبسوا أنفسهم في سبيل الله، أي: في طاعته للغزو، فلا يتفرغون إلى طلب المعاش (٤)، وبقريب (٥) من


(١) ينظر في إعراب الآية: "تفسير الطبري" ٣/ ٩٦، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٦٠ - ١٦٦١، و"إعراب مشكل القرآن" ١/ ١٤٢، "التبيان" ص ١٦٤، "البحر المحيط" ٢/ ٣٢٨، واستبعد قول من قال: التقدير: إن تبدوا الصدقات للفقراء، وكذلك من علقه بقوله: "وما تنفقوا من خير" وكذلك من جعل (للفقراء) بدلًا من قوله: (فلأنفسكم) لكثرة الفواصل المانعة من ذلك.
(٢) في (م): (فسر).
(٣) في (أ) و (م) كتبت كلمة لم أستطع قراءتها.
(٤) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ١٠٩، والطبري ٣/ ٩٦، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٥٤٠.
(٥) في (أ) و (ي) و (م): (ويقرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>