للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ} والتَّخَبُّطُ: معناه: الضَّرْبُ على غير استواءِ، وخَبَطَ البَعِيرُ الأرضَ بأخفافه، ويقال للرجل الذي يتصرف في أمر ولا يهتدي فيه: تَخَبَّطَ خَبْطَ عشْواءٍ، قال زهير:

رأيتُ المَنَايا خَبْطَ عَشْوَاءَ من تُصِبْ ... تُمِتْهُ وَمَنْ تخطئ يُعمّر فيهرَمِ (١)

وتخبّطه الشيطان: إذا مسّه بخبْلٍ أو جنونٍ؛ لأنه كالضرب على غير استواءٍ في الإدهاش، ويسمى إصابة الشيطان بالجنون والخبل: خَبْطَةٌ، ويقالُ: به خَبْطة من جنون (٢).

والمَسُّ: الجنونُ، يقال: مُسَّ الرجلُ فهو مَمْسُوس، وبه مَسٌّ وأَلْسٌ، أنشد ابن الأنباري:

أُعلّلُ نَفْسِي بما لا يكونُ ... كذِي المَسِّ جُنّ ولم يخنق (٣)

وأصله: من المَسِّ باليد، كأن الشيطان يَمَسُّ الإنسانَ فيُجِنُّه، ثم سُمِّىِ الجنونُ مسًّا، كما أن الشيطان يتخبطه ويَطَؤُهُ برجْلِه فيخبّله، فسمي الجنونُ خَبْطَةً، فالتخبط بالرِّجل، والمَسّ باليد (٤).


(١) البيت في "ديوان زهير" ص ٢٩،. "تهذيب اللغة" ١١/ ٩٧٩ "الوسيط" للواحدي ١/ ٣٩٤. وقوله: بْطَ عشواء، وهي الناقة التي في بصرها ضعف تخبِط إذا مشت لا تتوقى شيئًا. فهو يقول: رأيت المنايا تخبط الخلق خَبْطَ العشواء من الإبل، وهي التي لا تبصر، فهي تخبطُ الكل لا تبقي على أحد فممّن خبطته المنايا من تميته، ومنهم من تُعِلّه فيبرأ، والهرمُ غايته ثم الموت. ينظر "اللسان" ٢/ ١٠٩٣.
(٢) ينظر في خبط: "تهذيب اللغة" ١/ ٩٧٨ - ٩٧٩، "معجم مقاييس اللغة" ٢/ ٢٤١، "المفردات" ١٤٨، "اللسان" ٢/ ١٠٩٣ - ١٠٩٥.
(٣) جاء في: "البيان والتبيين" ١/ ٣٨٨ بيتًا شبيهًا بهذا وهو:
أعلل نفسي بما لا يكون ... كما يفعل المائق الأحمق.
(٤) ينظر في المس: "تفسير غريب القرآن" ص ٨٧ - ٨٨، "تفسير الطبري" ٣/ ١٠٣،=

<<  <  ج: ص:  >  >>