للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله تعالى أَمَره أن لا يَأْبى. قال الفراء: أُمِرَ الكاتبُ أن لا يأبى، لقلةِ الكُتّاب كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

وقال الحسن: ذاك إذا لم يقدر على كاتب سواه فيضر بصاحب الدين إن امتنع (٢).

وقال الضحاك: كانت هذه عزيمة واجبة على الكاتب والشاهد، فنسخها قوله: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (٣).

وقوله تعالى: {كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} أي: لا يأبَ أن يكتبَ كما أمره الله عز وجل من الحق، فعلى هذا يكون قوله: {كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} متصلًا بقوله: {أَن يَكْتُبَ} كما أمره الله، ويحتمل أن يتمَّ الكلامُ عند قوله: {أَن يَكتُبَ} ثم قال: {كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} أي: كما فضله الله بالكتابة.

وقال ابن عباس: كما أفهمه الله، ولا يمنعن المعروف بكتابة (٤).

والوجهان ذكرهما الزجاج (٥).


(١) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٧٨٩.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٧٨٩، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٣٤٩.
(٣) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٢٠، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٧٩٠، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٣٤٩، وفي "النكت والعيون" ١/ ٣٥٥، "تفسير القرطبي" ٣/ ٣٨٤، وقال معلقًا: هذا يتمشى على قول من رأى أو ظن أنه قد وجب في الأول على كل من اختاره المتبايعان أن يكتب، وكان لا يجوز له أن يمتنع، حتى نسخه قوله تعالي: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} وهذا بعيد؛ فإنه لم يثبت وجوب ذلك على كل من أراده المتبايعان كائنا من كان، ولو كانت الكتابة واجبة ما صح الاستئجار لها؛ لأن الإجارة على فعل الفروض باطلة، ولم يختلف العلماء في جواز أخذ الوثيقة على كَتْب الوثيقة. وينظر "أحكام القرآن" لابن العربي ١/ ٢٤٨.
(٤) هو من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في قسم الدراسة.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>