للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الزجاج (١): وهذا غلط؛ لأنَّا إنما نعقل (مِثْل الشيء): مساويًا له، و (مثليه): ما يساويه مَرَّتَيْن. والذي قاله الفرَّاءُ يَبْطُل في معنى الدلالة على الآية المعجزة؛ لأن المسلمين إذا رأوهم على هيئتهم، فليس في هذا آيةً، وإنما المعنى في هذا: أن الله عز وجل أرى المسلمين أنَّ المشركين إنما هم (٢) ستمائة وكَسْر، وذلك (٣)، ان الله عز وجل كان قد أعلم المسلمين أن المائة منهم تغلب المائتين من الكفار (٤)، فأراهم المشركين على قَدْرِ ما أعلمهم أنهم يغلبونهم؛ ليُقَوِّي قلوبَهم.

والدليل على صحة هذا المعنى: قوله: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} [الأنفال: ٤٤]، فرأى كلُّ واحدٍ من الفريقين الآخرَ أقلَّ مِمّا كانوا؛ لِيَطْمَعَ كلُّ واحد منهما في الآخر، فيتقدم ويُلابِسَ. وهذا (٥) هو الذي فيه الآية المعجزة، وهو رؤية الشيء بخلاف صورته. انتهى كلامه (٦).

هذا إذا جعلنا قوله: {يَرَوْنَهُمْ} إخبارًا عن المؤمنين، فإنْ جعلته


(١) في "معاني القرآن" له ١/ ٣٨١ نقله عنه بتصرف واختصار.
(٢) في (ج): (سماهم).
(٣) قوله (وكسر، وذلك): بياض في: (د).
(٤) وذلك في قول الله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} آية: ٦٦ من سورة الأنفال.
(٥) في (ب): (هذا).
(٦) ومما يدفع قول الفراء الآنف: أن (المِثل) في اللغة: شِبْه الشيء، والمعادل له في المثال والقَدْر والمعنى.
كتاب "العين": ٨/ ٢٢٨، وذيل كتاب "الأضداد" للصَّغاني: ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>