للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالابتداء (١)، ولا يجوز أن يُحمل على ما قبله؛ لقطع الاستفهام بينهما، وخبره محذوف؛ والمعنى: أأنْ (٢) يُؤتَى أحَدٌ، يا معشر اليهود، مثل ما أوتيتم من الكتاب والعلم، تصدقون به، أو تعترفون، أو تذكرونه لغيركم، أو تشيعونه في الناس؟ أو نحو هذا مما دلَّ عليه قوله: {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ}. وهذا في قول من قال: (أزيدٌ ضربته) (٣)؟

ومن قال: (أزيدًا ضربته؟)، كان (أنْ) عنده في موضع نصب (٤).

ومِثْلُ حَذْفِ خبر المبتدأ لدلالة ما قبل الاستفهام عليه: حَذْفُ الفعل في قوله: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ} [يونس: ٩١] التقدير (٥): آلآن أسلمتَ حين لا ينفعك الإيمانُ من أجل المعاينة؟. فحذف الفعل لدلالة ما قبل الاستفهام عليه. ومثل هذه الآية في المعنى: قوله: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: ٧٦]، وبَّخ بعضهم بعضًا بالحديث بما علموه من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعرفوه من صفته.


= "الحجة" للفارسي: ٣/ ٥٥ - ٥٧، نقل بعض عباراته بالنص، وتصرف في بعضها، واختصر في بعض المواضع.
(١) هذا التوجيه النحوي بناء على قراءة ابن كثير.
(٢) في (أ)، (ب): (آأن). وفي (ج): (ان). وما أثبتُّهُ هو الصواب.
(٣) فالاسم هنا واقع بعد همزة الاستفهام، وقد قال عنه السمين الحلبي: (وهو وجه مرجوح). "الدر المصون" ٣/ ٢٥٧.
(٤) فالفعل هنا مضمر بعد حرف الاستفهام، وقد استحسن هذا، وقال بوجوب اختياره، مكيُّ في "الكشف" ١/ ٣٤٨ وقال: (فهو أقوى في العربية؛ لأن الاستفهام بالفعل أولى؛ لأنك عنه تستفهم، لست تستفهم عن شخص زيد، إنما تستفهم عن الفعل، هل وقع بزيد). وانظر: "الدر المصون" ٣/ ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٥) (التقدير): ساقط م: (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>