للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولعل ابن كثير اعتبر هذه الآية في قراءته (١).

فإن قيل: فكيف وجْهُ دخول {أحدٌ} في هذه القراءة، وقد انقطع من النفي [بِلحاقِ] (٢) الاستفهام (٣)، وإذا انقطع، كان (٤) الكلام إيجابًا وتقريرًا، فلا يجوز دخول {أحدٌ}؟

قيل: يجوز أن يكون {أحدٌ} في هذا الموضع (أحدًا) الذي في نحو: (أحدٌ وعشرون)، وهذا يقع في الإيجاب، ألا ترى أنه بمعنى واحد؟.

وقال أبو العباس (٥): إن (أحدًا)، و (وَحَدًا)، و (واحدًا) بمعنىً.

وقوله تعالى: {أَوْ يُحَاجُوكُمْ} (أو) في هذه القراءة (٦) بمعنى: حتىَّ (٧)؛ ومعنى الكلام: أأن (٨) يُؤتَى أحدٌ مثل ما أوتيتم، تذكرونه لغيركم؛ حتى


(١) أي: اعتبر الآية السالفة ٧٦ من البقرة، حيث إنها في معنى قراءة ابن كثير. وقد سبق أن بينت أن القراءات المتواترة، لا تقوم على مقايسات ذوقية، ولا على اعتبارات لغوية، أو نظر عقلي، إنما هي سنَّةٌ متَّبعة، متلقاة بالسند الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وابن كثير أحد أئمة القراء، الذين تلقت الأمة قراءتهم بالقبول، بعد أن تلقاها هو بالسند الصحيح عمن قبله من القراء المعتبرين، إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. فهم اعتبروا السند الصحيح للقراءة قبل كل شيء؛ لأن الإسناد الصحيح في القراءات هو (الأصل الأعظم والركن الأقوم) كما قال ابن الجزري في "النشر" ١/ ١٠.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من "الحجة" للفارسي: ٣/ ٥٦ ليتم ويصح بها المعنى.
(٣) في (ج): (والاستفهام).
(٤) (كان): ساقطة من: (ج).
(٥) هو أحمد بن يحيى، ثعلب. كما في "الحجة" للفارسي: ٣/ ٥٧.
(٦) أي: في قراءة ابن كثير.
(٧) قال الرماني: (وتضمر مع (أو) (أن)؛ وذلك إذا كان معناها معنى "حتى". كتاب "معاني الحروف" له: ٧٩. وانظر: "كتاب سيبويه" ٣/ ٤٧، "المقتضب" ٢/ ٢٨، و"حروف المعاني والصفات" للزجاجي: ٥٨.
(٨) في (ج): (أن).

<<  <  ج: ص:  >  >>