للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنَّما تفعل ذلك الإِبِلُ مِنَ الفَزَع أو الجهد. قال الأعشى (١) -ووصف رجلًا نَحَّارًا للإبل، وهي (٢) تفزع منه-:

قَد تَكْظِمُ البُزْلُ مِنه حين تُبْصِرهُ ... حتَّى تَقَطَّعَ في أجوافها الجِرَرُ (٣)

ومعنى {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}: الكافِّينَ غَضَبَهم (٤) عن إمضائه، يَردُّون غيظهم في أجوافهم، ويصبرون فلا يُظِهرون (٥). وهذا الوصف من أقسام


(١) هو أعشى باهلة (عامر بن الحرث)، وليس الأعشى الكبير (ميمون بن قيس).
(٢) في (ج): (فهي).
(٣) البيت ورد منسوبًا له في: "الأصمعيات" ٨٩، و"الكامل" للمبرد ٤/ ٦٥، و"جمهرة أشعار العرب" (٢٥٥)، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١١٨ أ، و"تفسير القرطبي" ٤/ ٢٠٦، و"خزانة الأدب" ١/ ١٩٤. وقد اختلفت روايات البيت، فقد ورد في بعض المصادر:
(وتفزع الشَّوْلُ منه حين تبصره ... حتى تقطع في أعناقها الجرر).
وورد: (وتفزع الشول منه حين يفجؤها)، وورد: (قد تكظم البَرْك منها حين يفجؤها).
والبيت من قصيدة يرثي بها أخاه المنتشِر بن وهب الباهلي. انظر خَبَرَة في: "الكامل": ٤/ ٦٤ - ٦٥.
و (البُزْل): جمع: بازِل. وهو -من الإبل-: الداخل في السنة التاسعة، وفطر نابه. وتُجمَع -كذلك- على: (بُزَّل)، و (بوازل). ومعناه: أن الإبل قد تعودت على أن يَعقِرَ منها، فإذا رأته كظمت على جِرَّتها فزعا منه.
و (البَرْك): -على الرواية الأخرى-: جمع بارك. و (الشَوْل): جمع: شائلة، وهي -من الإبل-: ما أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر، فجف لبنها. انظر: "المصباح المنير" ١٩ (بزل)، و"القاموس" (١٠٢١) (شول).
(٤) في (ب)، (ج): (غضبهم).
(٥) قال ابن عطية: (و (الغيظ) أصل الغضب، وكثيرًا ما يتلازمان، ولذلك فسر بعض الناس (الغيظ) بـ (الغضب)، وليس تحرير الأمر كذلك، بل الغيظ فعل النفس، لا يظهر على الجوارح، والغضب حال بها معه ظهور في الجوارح، وفعل ما ولا بد). "المحرر الوجيز" ٣/ ٣٢٧، وانظر: "تفسير القرطبي" ٤/ ٢٠٧، و"البحر المحيط" ٣/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>