للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنِّي لأَسْمَعُ قولَ مُعَتِّب بن قُشَيْر -والنُّعَاس يغشاني-، ما أسمعه إلّا كالحُلم (١)، يقول: لو كان لنا من الأمر شىِءٌ، ما قُتلنا ههنا (٢). يَعْنُونَ أنهم أُخْرِجُوا كُرْهًا، ولو كان الأمر بيدهم لم يخرجوا.

وقال المفسرون (٣): إنَّ المُنافِقِينَ قال بعضُهم لِبَعضٍ: لَوْ كانَ لنا عُقُولٌ، لم نخرجْ مع محمد لِقِتال أهل مكة، وَلَمَا قُتِلَ رُؤَساؤُنا. وهذا منهم تكذيبٌ بالقَدَرِ؛ حين ظَنُّوا أنهم لو لم يخرجوا لم يُقْتَلوا. فَرَدَّ اللهُ -تعالى- عليهم هذا الكلام بقوله: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} أيها المُنافِقُونَ، وَلم تَخْرُجوا إلى أُحُد.

{لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} يعني: لو تَخلَّفتم عن القتال؛ لَخَرَج منكم الذين كُتِب عليهم القَتْل، ولم يكن لِيُنْجِيهم قُعُودهم.

ومعنى (بَرَزَ): صار إلى (بَرَاز)؛ وهو المكان المنكشف (٤).

والمضاجع: جمعُ (المَضْجَع)؛ وهو الموضع الذي يَضْجَعُ عليه الإنسانُ. ومنه قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: ١٦].


= وابن أبي حاتم ٣/ ٧٩٥، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" ٤٨٧ فصل ٢٥. رقم (٤٢٣)، وأورده السيوطي في "لباب النقول" ٥٩، و"الدر المنثور" ٢/ ١٥٦، وزاد نسبة إخراجه إلى ابن إسحاق، وابن راهويه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في "الدلائل". وانظر: "سيرة ابن هشام" ٣/ ٦٨.
(١) في (أ): (كالحِكم). والمثبت من: (ب)، (ج)، ومصادر الخبر.
(٢) في (أ): (هنا). والمثبت من: (ب)، (ج)، ومصادر الأثر.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ١٤٢، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٣٤ ب، والنَّصُّ له.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٨٠، و"نزهة القلوب" للسجستاني ١٤٤، و"المقاييس" ١/ ٢١٨ (برز).

<<  <  ج: ص:  >  >>