للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} قد ذكرنا للتَّمْحِيصِ ثلاث مَعَانٍ، عند قوله -تعالى-: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: ١٤١]: التَّطْهِير، والكَشْف، والابْتِلاء. وهذ كلها مُحْتَمَلَةٌ في هذه الآية.

قال قتادة (١) - في قوله: {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ}، أي: يُظْهِرها (٢) مِنَ الشَّكِّ والارْتِيَاب؛ بما يُرِيكم من عجائب صُنعه في إلقاء الأَمَنَةِ، وصَرْفِ العدُوِّ، وإعلانِ سَرَائِرِ المنافقين. وهذا (٣) التمحيص خاصٌّ للمؤمنين؛ فابن عباس قال (٤): يريد: يُمَحِّص قلوب أوليائه من الخطأ.

وقال الكَلْبِيُّ (٥): {وَلِيُمَحِّصَ}: يُبَيِّن ما في قلوبكم. يعني: أن المؤمن يُظْهِر الرِّضَا بِقَدَرِ الله، والمنافق يُظْهر مثلَ ما أظهرَ مُعَتِّب بن قُشَيْر وأصحابُه. فَعَلَ اللهُ ما فَعَلَ يومَ أُحُد؛ لِيُبَيِّنَ ما في قلوب الفريقين.

ويَحْتَمِلُ التَّمْحِيصُ -ههنا- معنى الابتلاء، غير أن القولين الأَوَّلَيْن أجودُ؛ لِزِيَادَةِ الفائدة؛ فإنَّ الابتلاءَ قد ذُكِرَ في قوله: {وَلِيَبْتَلىَ اللَّهُ}.

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (ذاتُ الصدور)، تحتمل معنيين: أحدهما: أن (ذات الصدور) هي: الصدور؛ لأن ذاتَ الشيء


= ولوامع الأنوار" للسفاريني ١/ ٢٢١ - ٢٢٣، و"روح المعاني" ٢٥/ ٩١، و"أضواء البيان" ٧/ ٢٥٦، و"العقائد السلفية" لأحمد بن حجر ١/ ٨٦
(١) لم أقف على مصدر قوله. وقد أورده ابن الجوزي في: "الزاد" ١/ ٤٨٢.
(٢) في (ب)، (ج): (يطهرها) بالطاء.
انظر:"بحر العلوم" ١/ ٣٠٩، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٣٤ ب، و"تفسير البغوي" ٢/ ١٢٢، و"زاد المسير" ١/ ٤٨٢.
(٣) من قوله: (وهذا ..) إلى (.. يمحص قلوب): ساقط من (ج).
(٤) لم أقف على مصدر قوله.
(٥) لم أقف على مصدر قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>