(٢) ممن قال ذلك: الطبري في "تفسيره" ٤/ ١٤٣، وقد أورد هذا القول الماورديُّ في: "النكت والعيون" ١/ ٤٣١ ولم يعزه (٣) الزخرف: ٥٥. ومعنى {آسَفُونَا}: أغضبونا. وهو قول: ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومحمد بن كعب القرظي، وقتادة، والسدي، وغيرهم من المفسرين. انظر: "تفسير الطبري" ٢٥/ ٨٤، و"تفسير ابن كثير" ٤/ ١٣٧. والمؤلف يقصد -هنا- أن معنى الآية: فلما أغضبوا موسى عليه السلام ومن معه من أولياء الله، ولكن نُسِب الغضبُ إلى الله تعالى؛ تفخيمًا لشأن أولياء الله. ولا مانع من قبول هذا التأويل الذي يراه المؤلف، مع إثبات صفة الغضب لله تعالى، ولكن قد يكون الدافع لهذا التأويل هو الهرب من نسبة هذه الصفة إليه تعالى، وحينها، فإن هذا التأويل لا يُسَلَّم؛ وذلك أنَّ الأشاعرة -والمؤلف منهم- يرون أن الغضب من صفات المخلوقين التي يجب أن لا تنسب إلى الله على الحقيقة؛ حيث إن الغضبَ عندهم هو: غَلَيَانُ دَمِ القَلْب؛ لإرادة الانتقام، وذاك محال على الله، وانما يُنْسَب إلى الله -عز وجل- على سبيل المجاز، ويراد به -حينها-: إرادة العقوبة، فيكون صفة ذات، أو يُراد به العقوبة ذاتها، فيكون صفة فعل. ولكنْ سَلَفُ الأُمَّةِ -وقد شق بيان مذهبهم الحق في صفات الباري تعالى- يرون أن الغضب من صفات الله، يُنْسبُ إليه -تعالى- على الحقيقة، بما يليق بذاته، والشأن في الصفات أن تُمَرَّ كما جاءت، دون تعطيل ولا تشبيه ولا تحريف ولا تأويل، ولا بيان لكيفيَّتها، كما أن صفة الغضب تنسب إلى المخلوق على الحقيقة، بما يتناسب مع خَلْقِهِ، وطبيعته، ومن توابع هذه الصفة، ولوازمها في المخلوق: هو ما ذكره المُؤَوِّلُونَ مِنْ غَلَيَان دَمِ القلب، وبذا تفترق صفة الخالق عن المخلوق. انظر: "النكت والعيون" ٥/ ٢٣١ - ٢٣٢، و"تفسير الفخر الرازي" ٢٧/ ٢٢٠،=