للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقَدَرِيّة، تأولوا الآية على وجهين:

أحدهما: على التقديم والتأخير؛ فقالوا: التقدير: (ولا يحْسَبَنَّ الذين كفروا إنما نُملي لهم لِيَزدادوا إثما؛ إنَّما نُملي لهم خيرٌ لأنفسهم). وهذا (١) إنما كان يُحتمل لو قُرِئ بِكَسْرِ {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ}، {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا}. ولم يقرأ به أحدٌ يُعرَف. ولا يجوز حملُ الآية على وجهٍ لا يجوز أن يُقرأ به (٢).

والوجه الثاني: قالوا (٣): معنى قوله: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا}: إنما نُمْلي لهم، على أنَّ عاقبةَ أمْرِهم ازديادُ الإثم. وهذه لام العاقبة؛ كقوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: ٨]. وهذا (٤) الذي قالوه، خِلافُ ما ذَكَرَهُ المفسرون وأهل العلم، وعُدُولٌ عن ظاهرِ الخِطَاب، فلا يُقْبَلُ.

على أن لام العاقبة يشَاكِل ما قبله؛ كقوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ}، الآية، وهم ما التقطُوهُ لِهذا؛ ولكنْ كان الالتقاطُ سبَبَ كونِهِ عَدُوًّا لهم، كذلك في الآية، يجب أنْ يكونَ إمْلاءُ اللهِ إيَّاهم، سَبَبَ ازديادهم الإثم (٥)،


(١) من قوله: (وهذا ..) إلى (.. خير لأنفسهم): ساقط من (ج).
(٢) قال النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٣٨٠ (قال أبو حاتم: سمعت الأخفش يذكر كسر (إنَّ) يحتج لأهل القَدَر؛ لأنه كان منهم، ويجعله على التقديم والتأخير .. قال: ورأيت في مصحفٍ في المسجد الجامع، قد زادوا فيه حرفًا؛ فصار: (إنما نملي لهم ليزدادوا إيمانًا)، فنظر إليه يعقوب القارئ، فتَبيَّنَ اللَّحَقَ، فحكَّه). وانظر: "تفسير القرطبي" ٤/ ٢٨٨.
(٣) انظر: "تنزيه القرآن عن المطاعن" للقاضي عبد الجبار ٨٣
(٤) (أ)، (ب): (وهو)، والمثبت من: (ج)، وهو أولى وأصوب.
(٥) في (ج): (الكفر).

<<  <  ج: ص:  >  >>