للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا كانت الآية نازلة إما في الكفار أو المنافقين، على قول الصحابة والتابعين الذين شاهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، فلا وجه لحملها على أهل الصلاة.

وبهذا الإسناد الذي ذكرنا عن أبي عبيد قال: حدثنا ابن صالح , -يعني: عبد الله-، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في قوله: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} قال: ثم أنزل الله بعد ذلك: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] فحرم الله المغفرة على من مات وهو كافر، وأرجى أهل التوحيد إلى مشيئته، ولم يُؤيسهم من المغفرة (١).

فإن قيل: هذا على ما رَوَيتم نسخٌ للأول، ونسخ الخبر لا يجوز. قلنا: لا نَدعي (٢) النسخ، ولفظ النسخ لم يُنقل عن ابن عباس، ولكن الآية الأولى اقتضت العموم بظاهرها، فلما نزلت الآية الثانية علمنا أن المراد بالأولى غير أهل التوحيد، من المنافقين والكافرين (٣).

وقوله تعالى: {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ}. الذين في موضع الخفض بالعطف على الأول (٤). ومعناه: لا توبة للكفار إذا ماتوا على كفرهم في الآخرة (٥)، وإنما لم تقبل التوبة في الآخرة لرفع التكليف ومعاينة


(١) "تفسير ابن عباس" ص ١٣٩، وأخرجه الطبري بنفس الإسناد ٤/ ٣٠٤، وانظر: "تحقيق المروي" عن ابن عباس ١/ ٢٠٣.
(٢) في (د): (يدعى) بالياء.
(٣) أي: أن الآية الثانية مخصصة لعموم الأولى.
(٤) انظر: "معاني الفراء" ١/ ٢٥٩، والطبري ٤/ ٣٠٤، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٠٢ - ٤٠٣، والثعلبي ٤/ ٢٨ أ.
(٥) انظر: "معاني الفراء" ١/ ٢٥٩، والطبري ٤/ ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>