للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروت عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يحرمُ من الرضاعةِ ما يحرمُ من النسبِ" (١).

فعلمنا من هذا أن السبع المحرمات بالنسب على التفصيل والبيان الذي ذكرنا محرمات باللبن، وقال أولو التحقيق من ذوي العلم: إن الحد الذي ذكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة معلوم من الآية ومستنبط عنها؛ وذلك أن الله تعالى لما ذكر حُرمة الرَّضاع ذكر طريقة الوِلادة بذكر الأمهات، وطريقة الأخُوّة بذكر الأخوات، وكل امرأة حُرمَت بالنَسَب حُرمَت بإحدى هاتين؛ لأن الأم والبنت حرمتا بالولادة، والخمس الباقيات من المحرمات بالنسب حَرُمْنَ بطريق الأخُوّة.

وقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}. حد أم امرأتك كحد أمك، سواءٌ كانت من اللبن أو من النسب، فهي حرام عليك بنفس العقد على ابنتها؛ لأن الله تعالى أطلقَ التحريم ولم يُقيِّده بالدخول. هذا إجماع الأمة اليوم (٢).

وكان جماعة من الصحابة يذهبون إلى أن المرأة إنما تحرم بالدخول بالبنت، كالربيبة إنما تحرم بالدخول بأمها، وهو قول علي وزيد (٣) (٤) وابن


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري رقم (٢٦٤٤) كتاب الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض، ومسلم بنحو رقم (١٤٤٤) كتاب الرضاع، باب: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة وغيرهما.
(٢) انظر: "الطبري" ٤/ ٣٢٠ - ٣٢١.
(٣) هو أبو سعيد أو أبو ثابت، زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد، استُصغر يوم بدر وشهد أحدًا، وكان رأسًا في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض. توفي -رضي الله عنه- سنة ٤٥هـ وقيل قبلها. انظر "الاستيعاب" ٢/ ١١١، "أسد الغابة" ٢/ ٢٧٨، "الإصابة" ١/ ٥٦١.
(٤) انظِر: "الطبري" ٨/ ١٤٥، "الكشف والبيان" ٤/ ٣٥ ب، "زاد المسير" ٢/ ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>