للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن فسر الإحصان بالتزوّج قال: فائدة ذكره ههنا أن الحرة المحصنة بالزوج حدها الرجم، فقيد الله تعالى حكم الأَمَة عند ذكر الحد بالإحصان، إذ لو نص على غير حالة الإحصان بالنكاح لم يبعد أن يَتوهّم مُتوهِّم وجوب الرجم عليها إذا زنت وهي متزوجة، من حيث لم يكن للرجم نصف، كما استوت الحُرّة والأَمَة في قطع السرقة لَمّا لم يكن للقطع نصف (١).

وقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}. الإشارة تعود إلى نكاح الأمَة عند عدم الطول (٢).

وذكرنا معنى العنت والإعنات في اللغة عند قوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] وقوله: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} [آل عمران: ١١٨]. وفسر العنت ههنا: الزنا في قول ابن عباس وسعيد بن جبير وعطية والضحاك وابن زيد (٣). وبيان هذا ما ذكره المُبرَّد: ذلك لمن خاف أن يحمله شدة الشبَق، والغُلمة على الزنا، فيلقى العذاب العظيم في الآخرة، والحد في الدنيا (٤). وإنما سمي الزنا العَنَت من المشقة في الدنيا والآخرة.


(١) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٥٨.
(٢) انظر: الطبري ٥/ ٢٤، "معاني الزجاج" ٢/ ٤٢، والثعلبي ٤/ ٤٠ ب.
(٣) الأثر عن ابن عباس في "تفسيره" ص ١٤٣، وأخرجه عنه وعن الباقين إلا ابن زيد الطبري ٥/ ٢٤ - ٢٥، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٥٨، وقد ذكر أن هذا قول ابن زيد.
(٤) الظاهر أن هذا الكلام ليس للمبرد، فقد قال الزجاج في "معانيه" ٢/ ٤٢: قال أبو العباس -وهو المبرد-: (العنت) ههنا الهلاك، وقال غيره: معناه: ذلك لمن خشى أن تحمله الشهوة .. إلخ نحو ما ذكره المؤلف هنا. والله أعلم. انظر. "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٨٥ (عنت).

<<  <  ج: ص:  >  >>