للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم تام بها، ومعرفة بحقائقها، يحدث عن ذلك فيقول: "وأما النحو فإني لما كنت في مَيعة صباي، وشرخ شبيبتي، وقعت إلى الشيخ أبي الحسن علي بن محمد الضرير رحمه الله ... ولعله تفرَّس فيّ وتوسم أثر الخير لديّ فتجرد لتخريجي وصرف وَكْده (١) إلى تأديبي، ... وسعدت به أفضل ما سعد تلميذ بأستاذه، وقرأت عليه جوامع النحو والتصريف والمعاني، وعلقت عنه قريبا من مائة جزء في المسائل المشكلة، وسمعت منه أكثر مصنفاته في النحو والعروض والعلل .. " (٢).

ولم يقض نهمته من علم اللغة والأدب اللذين لا يستغنى عنهما في فهم النصوص، يقول الواحدي: "ولئن استغنى علم عن الأدب فمن ضرورة التفسير وعلم القرآن: الأدب ومعرفة اللغة العربية" (٣)، فانقطع لتعلم اللغة على شيخ اللغة في وقته: أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي، حيث لازمه ملازمة الظل لصاحبه، يدخل عليه عند طلوع الشمس، ويخرج من عنده غروبها، يسمع ويعلق ويبحث، ويذاكر أصحابه ما بين طرفي النهار، وقرأ عليه كثيراً من دواوين الشعر وكتب اللغة، قال: ولم أغب عن زيارته يوماً من الأيام إلى أن حال بيننا الحمام (٤).

ثم لما توفي الشيخ أبو الفضل العروضي عام (٤١٦) تنقل الواحدي في مساجد البلد ومدارسه، بين العلماء والعلوم (٥)، يحدثنا أبو الحسن الواحدي عن تلقيه للقرآن ولعلم القراءات، فيقول: "وأما القرآن وقراءات


(١) الوكد: القصد.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٠ - ٤٢١.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٤١٠.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٤١٧ - ٤١٩.
(٥) ينظر: "الوسيط" للواحدي ١/ ٣٠١، ٢/ ٣٢، ٢٢٣، ٣/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>