للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كيفية تبديل الجلود فقال جماعة من أهل المعاني: إن جلودهم إذا نضجت واحترقت جددت، بأن ترد إلى الحال التي كانت عليها غير محترقة. وذلك أن (غير) على ضربين: غير تضادٍ وتنافٍ، كقولك: الليل غير النهار والذكر غير الأنثى.

وغير تبدل، كقولك للصائغ: صغ لي من هذا الخاتم خاتمًا غيره، فيكسره ويصوغ لك منه خاتمًا، فالخاتم المصوغ هو الأول، إلا أن الصياغة غير والفضة واحدة، وتقول للإنسان: جئتني بغير ذلك الوجه، إذا تغيرت حالتُه، وجاء بغير ذلك اللباس إذا غيّر قميصه بأن جعله (...) (١). وهذا الوجه ذكره الزجاج (٢) وابن كيسان وابن الأنباري.

ويزيدك بهذا تأنيسًا ما قال أبو العباس (٣) أحمد بن يحيى: قال الفراء: بدلت الخاتم بالحلقة إذا نحيت هذا وجعلت هذا مكانه، وبدلت الخاتم بالحلقة إذا أذبته وسويته حلقة، وبدلت الحلقة بالخاتم إذا أذبتها وجعلتها خاتمًا.

قال أبو العباس: وحقيقته أن التبديل تغيير صورة إلى صورة أخرى، والجوهرة (٤) بعينها، والإبدال تنحية الجوهرة واستئناف جوهرة أخرى، ومنه قول أبي النجم:


(١) بياض في (ش) ولعلها: بأن جعله (أبيض)، أو نحو ذلك.
(٢) في "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٦٥، وانظر: الطبري ٥/ ١٤٣، "زاد المسير" ٢/ ١١٣، "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٢٥٤.
(٣) من "تهذيب اللغة" ١/ ٢٩٥ (بدل)، وقد نقل عن الأزهري نصًّا طويلاً، فيه أقوال.
(٤) جوهرة الشيء أصله، قال ابن منظور: "وجوهر كل شيء ما خلقت عليه جبلته" "اللسان" ٢/ ٧١٢ (جهر).

<<  <  ج: ص:  >  >>