للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عزلُ الأمير للأمير المبدل (١)

ألا ترى أنه نحى جسمًا وجعل مكانه جسمًا غيره.

قال أبو عمر (٢): فعرضت هذا على المبرِّد فاستحسنه، وزاد فيه فقال. قد جعلت العرب بدلت بمعنى أبدلت، وهو قوله تعالى-: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: ٧٠] ألا ترى أنه قد أزال السيئات وجعل مكانها الحسنات. قال: وأما ما شرط أحمد بن يحيى فهو معنى قوله: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا}، قال: وهذه هي الجوهرة بعينها باقية، وتبديلها تغيير صورتها إلى غيرها؛ لأنها كانت ناعمة فاسودت بالعذاب، فردت صورة جلودهم الأولى لمَّا نضجت تلك الصورة، فالجوهرة واحدة والصورة مختلفة. انتهى الحكاية (٣).

ويؤكد هذا البيان الذي ذكره المبرد (٤) وما حكينا من قول ابن عباس.

وقال أبو علي الفارسي: ليس ينفصل (بَدَّل) من (أبدل) بشيء، فقد يقال: تبدل في الشيء، ويكون قائمًا وغير قائم، كقوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: ١٠١]، فقد تكون الآية المبدلة قائمة التلاوة، وربما رفعت من التلاوة. وقال: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} [سبأ: ١٦]، والجنتان قائمتان.

ومنهم من أجرى الآية على ظاهرها، وقال: إن الله عز وجل يجدد لهم


(١) "تهذيب اللغة" ١/ ٢٩٤، "اللسان" ١١/ ٤٨ (بدل).
(٢) قد يكون الزاهد، ومرت ترجمته.
(٣) من "تهذيب اللغة" ١/ ٢٩٤، وانظر: "الصحاح" ٤/ ١٦٣٢، "اللسان" ١/ ٢٣١ (بدل).
(٤) لعل هذِه الواو زائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>