للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معناه ما أردنا بالترافع إلى عمر إلا إحسانًا وتوفيقًا (١). فيكون هذا كما ذكرنا في الوجه الأول.

ونظم الآية على هذا المعنى أن قوله: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} فصل منسوق على ما قبله من قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} و {أَلَمْ تَرَ} معناه ههنا تعجيب، و (كيف) أيضًا استفهام معناه التعجيب، كما تقول في الكلام: كيف رأيت فلانًا فعل كذا وكذا، إذا أردت أن تعجب المخاطب من فعله. والله تعالى عجب نبيه مما قد هم المنافقون (٢) من التحاكم إلى الطاغوت، ثم نسق عليه خبرًا آخر عجبه مما كان منهم عند قتل صاحبهم، وتهتك أستارهم بظهور نفاقهم.

والتقدير: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك كَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بالله إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا. إلا أن الفاء دخلت في أول (كيف) لأنه نسق على ما قبله ومعطوف. وكذلك دخلت ثم في قوله: {ثُمَّ جَآءُوكَ} للنسق. وهذا الوجه ذكره الحسن بن يحيى الجرجاني (٣).

والطريقة الأولى أعجب إلي وأقوى في نفسي؛ لأنه ليس يظهر وجه دخول الفاء في (فكيف) ودخول ثم في قوله: {ثُمَّ جآءُوكَ} على ما ذكره صاحب النظم، وعلى ما ذكره المتعجب منه مجيئهم حالفين، ولا يحسن


(١) "الكشف والبيان" ٤/ ٨٢ ب، وانظر: "النكت والعيون" ١/ ٥٠٢، "زاد المسير" ٢/ ١٢١.
(٢) هكذا جاءت هذه العبارة. والمراد: مما قد همّ به المنافقون. وقد تكون "به" ساقطة من النسخ.
(٣) صاحب كتاب "نظم القرآن".

<<  <  ج: ص:  >  >>