للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَوَدَّةٌ} أن يحسدكم ويشمت بكم (١).

وأجاز آخرون أن يكون موضع قوله: {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} حيث ذكر في النظم والمعنى؛ لأن معنى هذا الفصل لائق بمعنى هاتين الآيتين فأينما ذكر حسن ولم يكن أجنبيًا، وعلى هذا التقدير يكون قوله: {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} في موضع الحال من القائل الذي قال: يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ كما تقول: مررت بزيد، كأن لم يكن بينك وبينه معرفة، فتكون هذه جملة في موضع الحال، أي مررت به وهذه حالك (٢).

وقال بعض أهل المعاني على هذا التقدير: يجوز أن يكون قوله: {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} من كلام المنافق بقوله للذين أقعدهم عن الجهاد: كأن لم تكن بينكم وبين محمد مودة فيخرجكم لتأخذوا من الغنيمة. وإنما يقول هذا ليبغض لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وهذا وجه بعيد، وأصحاب العربية والنحو على الوجهين الأولين.

وقوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} قال مقاتل: أي فآخذ نصيبًا وافرًا (٤). وذكرنا معنى الفوز فيما تقدم.

وهذا القول من هذا المنافق ليس على طلب المثوبة، وتمنيه الحضور


(١) انظر: "التفسير الكبير" ١٠/ ١٧٩، ١٨٠، "البحر المحيط" ٣/ ٢٩٣، "الدر المصون" ٤/ ٣٣.
(٢) انظر: "إملاء ما من به الرحمن بهامش الفتوحات الإلهية" ٢/ ٢٨٣، "الدر المصون" ٢/ ٣٤.
(٣) نسب نحو هذا القول لمقاتل وأبي علي الفارسي في "البحر المحيط" ٣/ ٢٩٣، "الدر المصون" ٤/ ٣٣.
(٤) هو ابن حيان، وأخرج الأثر عنه ابن المنذر وابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>