للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنما هو على وجه الحسد للمؤمنين، عن قتادة وابن جريج (١).

قال أبو بكر: لم يقله رغبةً في الجهاد ولا حرصًا على طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما قاله حرصًا على فتنة الدنيا وميلًا إلى الازدياد منها، فلذلك نعى الله عليه هذا القول وليم به.

وانتصب قوله: {فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} لأنه جواب التمني بالفاء، والعلة في انتصابه عند أهل الكوفة أنَّ في التمني معنى: يسرني أن تفعل فافعل، فهذا نصب كأنه منسوق، كقولك في الكلام: وددت أن أقوم فيتبعني الناس. والتقدير في الآية: يسرني أن أكون معهم فأفوز. وهذا قول الفراء (٢).

وعند أهل البصرة انتصبت هذه الجوابات بالفاء بإضمار أن، ولا يجوز إظهارها. قالوا: وجميع ما انتصب بالفاء في الجواب إنما انتصب لمخالفة الثاني الأول، فلم يمكن عطفه عليه، فجعلت الأول بتقديره مصدره، وأضمرت بعد الفاء أن فنصبت بها الفعل، لتكون قد عطفت مصدرًا على مصدر؛ لأن أن والفعل بتقدير مصدر، وذلك قولك: ما زرتني فأحسن إليك، تقديره: ما كانت منك زيارة فإحسانٌ مني، هذا تقدير جميعه وتمثيله.

والتقدير في الآية: ليت لي كونا معهم ففوزًا عظيمًا. قالوا: وإنما لم يجز إظهار أن لأن ما قبلها فيه تقدير المصدر من غير إظهار للفظه، فلما كان المعطوف عليه مقدرًا غير مظهر، اختاروا أن يكون مضمرًا بعد الفاء ليشاكل ما قبلها (٣).


(١) أخرج الأثر عنهما الطبري ٥/ ١٦٦ - ١٦٧، وانظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٢٧.
(٢) في "معاني القرآن" ١/ ٢٧٦، وانظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٧٦، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٣٤، "الحروف" للمزني ص ٦٦.
(٣) انظر: "معانى الحروف" للرماني ص ٤٣ ,٤٤، "سر صناعه الإعراب" ١/ ٢٧٢ "رصف المباني" ص ٣٦٨، ٤٤٣، ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>