للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالقرآن {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (١)

واختلفوا في وجه هذا الاستنباط:

فقال ابن عباس في رواية الوالبي عنه: تَمَّ الكلام عند قوله {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ} ثم استثنى القليل. قوله: {أَذَاعُوا} أي أذاعوا به إلا قليلًا، يعني بالقليل المؤمنين (٢). وهذا قول ابن زيد (٣) والكسائي (٤) والفراء (٥).

وقال الحسن وقتادة: الاستثناء من قوله {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ} {إِلَّا قَلِيلًا} أجود (٦)؛ لأن ما علم بالاستنباط فليس الأكثر يعرفه، وإنما يستنبط القليل؛ لأن الفضائل والاستخراج في القليل من الناس (٧).

قال الزجاج: وهذا في هذا الموضع غلط من النحويين؛ لأن هذا الاستنباط ليس من شيء (٨) يُستخرج بنظر وتفكر، وإنما هو استنباط خبر، فالأكثر يعرف الخبر إذا أخبر به، وإنما القليل ههنا المبالغ في البلادة، الذي لا يعلم ما يُخبر به. فاستثناء القليل من قوله: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ}


(١) انظر: "معالم التنزيل" ٢/ ٢٥٥، و"زاد المسير" ٢/ ١٤٨.
(٢) بنحوه في تفسير ابن عباس من رواية علي بن أبي طلحة وهو المراد بقول المؤلف: الوالبي. وأخرجه الطبري ٥/ ١٨٣، وابن المنذر وابن أبي حاتم، انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣٤.
(٣) أخرجه الطبري ٥/ ١٨٣، وانظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣٤.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للنحاس ٢/ ١٤٢.
(٥) في "معاني القرآن" ١/ ٢٧٩. وهذا القول اختيار الطبري، انظر: "تفسير الطبري" ٥/ ١٨٣، و"زاد المسير" ٢/ ١٤٨.
(٦) أخرجه بمعناه عن قتادة الطبري ٥/ ١٨٣، وابن المنذر وابن أبي حاتم، انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣٤.
وذكره عنهما الماوردي ١/ ٥١١، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٢/ ١٤٨.
(٧) هذا التعليل للنحويين، انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٨٤.
(٨) في "معاني الزجاج" ٢/ ٨٤: "ليس بشيء" والصواب ما في المعاني، ويحتمل حصول تصحف هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>