للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صحيح (١).

وقال الفراء: استثناء (قليل) مما في {أَذَاعُوا} أوضح وأبين معنى؛ لأنهم لا يجتمعون في الإذاعة كما يجتمعون في الاستنباط ومعرفة الخبر المظهر لهم. هذا معنى قوله. ولفظه أنه يقول: الاستثناء من {أَذَاعُوا} أجود لوجهين: لأن علم السرايا إذا ظهر علمه المستنبط وغيره، والإذاعة قد تكون في بعض دون بعض، فلذلك استحببت (٢) الاستثناء من الإذاعة (٣)؛ لأنه جعل القليل المستثنى البليد الذي لا يعلم ما يخبر به.

وقال ابن عباس في رواية عطاء: يريد لاتبعتم الشيطان إلا قليلًا ممن (عصم) (٤) الله (٥).

قال ابن الأنباري: قال أصحاب هذا القول: الذين وقع عليهم الاستثناء هم الذين اهتدوا بعقولهم لترك عبادة الأوثان والإشراك بالله عز وجل وأقاموا على التوحيد بغير رسول ولا كتاب، نحو زيد بن عمرو بن نفيل ورقة بن نوفل (٦)، وطلاب الدين (٧). قال: والقولان الأولان


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٨٤ - بتصرف-.
(٢) عند الفراء: "استحسنت".
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٢٧٩، ٢٨٠، وانظر: "الكشف والبيان" ٤/ ٩٢ ب.
(٤) هذِه الكلمة في المخطوط: "عظم" بالظاء، والتصويب من "الوسيط" ٢/ ٦٣٧.
(٥) أورده المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٦٣٧، ولم أقف عليه.
(٦) هو ورقة بن نوفل بن عبد العزى القرشي، من الحكماء، اعتزل عبادة الأصنام، ولم يأكل مما ذبح عليها، واعتنق النصرانية، وقد أدرك أوائل عصر النبوة وقصته في بدء الوحي مشهورة في البخاري وغيره، وقد آمن وعد من الصحابة.
انظر: "أسد الغابة" ٥/ ٤٤٧، و"الإصابة" ٣/ ٦٣٣، و"الأعلام" ٨/ ١١٤.
(٧) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٨٤، و"النكت والعيون" ١/ ٥١١، ٥١٢، و"الوسيط" ٢/ ٦٣٧، و"زاد المسير" ٢/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>