للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما التفسير: فقال ابن عباس وغيره من المفسرين: نزلت في قوم كانوا قد أسلموا , ولم يُهاجروا حتى خرج المشركون إلى بدر، فخرجوا معهم، فقتلوا يوم بدر، فضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم، وقالوا لهم ما ذكر الله سبحانه (١).

وقوله تعالى: {قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} أي الملائكة قالت لهؤلاء: {فِيمَ كُنْتُمْ} أي كنتم في المشركين أم في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -؟. وهذا سؤال توبيخ، وإنما توجه السؤال إلى التوبيخ لأنه مما لا يصلح لصاحبه جواب عليه، ولذلك لما اعتذروا بالضعف عن مقاومة أهل الشرك في دارهم حاجتهم الملائكة بالهجرة إلى غير دارهم (٢).

وخبر إن في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ} قوله تعالى {قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} والتقدير: قالوا لهم، بحذف (لهم)، لدلالة الكلام عليها (٣).

وقوله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} قال عطاء عن ابن عباس: "يريد مصيرهم إلى النار" (٤) وذلك أن الله تعالى لم يرض بإسلام أهل مكة حتى يهاجروا، فقال في سورة الأنفال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: ٧٢] فنهاهم الله عن موالاتهم


(١) أخرجه بنحوه: الطبري ٥/ ٢٣٣ - ٢٣٤، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٨٠، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٠٧ أ، و"أسباب النزول" للمؤلف ص ١٨٠، و"لباب النقول" ص (٧٩).
(٢) انظر: الطبري ٥/ ٢٣٣، و "معاني الزجاج" ٢/ ٩٥، و"بحر العلوم" ١/ ٣٨١، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٠٧ ب.
(٣) انظر: "الدر الصون" ٤/ ٧٨. وذهب النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٤٤٨، إلى أن الخبر جملة {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [النساء: ٩٧].
(٤) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>