للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كانت كل تلك الدراسات تهيئة من الواحدي لنفسه، وتدرجاً للوصول إلى علوم المقاصد، وهذا يظهر من حديثه عن نفسه في آخر تفسيره "البسيط"، حين قال: "وقد كنت تعبت دهراً طويلاً، من عنفوان صباي إلى تناهي أيام شبيبتي في إحكام مقدمات هذا العلم" (١).

كما يظهر لنا من خلال حديث الواحدي مع شيخه أبي الفضل العروضي حين قال: "وقرأت عليه الكثير من الدواوين وكتب اللغة حتى عاتبني شيخي -رحمه الله- يوماً من الأيام، وقال: إنك لم تبق ديواناً من الشعر إلا قضيت حقه، أما آن لك أن تتفرغ لتفسير كتاب الله العزيز، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقاصي البلاد، وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار؟ يعني: الأستاذ الإِمام أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي -رحمه الله (٢) - فقلت يا أبت إنما أتدرج بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا لم أحكم الأدب بجد وتعب لم أَرْمِ في غرض التفسير عن كثب .. " (٣).

ولقد رضي عن جهده في هذا الباب حين قال: "وأظنني لم آل جهداً في إحكام أصول هذا العلم على حسب ما يليق بزماننا هذا، ويسعه سِنُو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله تعالى وله الحمد، حتى اقتبست كل ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانه، وأخذته من معادنه" (٤).

ثم تفرغ من بعد ذلك -تبعًا-، لخطته، ومنهجيته التي ارتضاها لنفسه، وإنفاذاً لوصية شيخه - للقراءة على الإِمام: أبي إسحاق أحمد بن حمد بن


(١) "تفسير البسيط" ٥/ ٣٣٧ ب من نسخة عاطف أفندي.
(٢) ستأتي ترجمته لاحقاً في مبحث شيوخه.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٤١٩.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>