للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحو هذا قال غيره من المفسرين (١)، وهذا يحتمل تأويلين:

أحدهما: أن المؤمنين كانت بهم جراحات، يجدون لها ألمًا يوهنهم عن المسير في آثار المشركين، والمشركون أيضًا بهم جراحات، كما بالمسلمين، فقيل للمسلمين: إنَّ ألمتم جراحكم، فهم أيضًا في مثل حالتكم من أثر الجراح. وعلى هذا دل كلام المفسرين أن المراد بالألم ههنا ألم جراح واقعة بالفريقين (٢).

والآخر: أن هذا استدعاء إلى الجهاد مما يوجب الصبر عليه والجد فيه لرجحان حالهم على حال أعدائهم، بأنهم يرجون من الله ما لا يرجونه، فقد ساووهم في الصارف عن القتال، وهؤلاء انفردوا بداعٍ ليس لهم من ثواب الله على ذلك وكرامته التي هي (أوكد وكد داع) (٣) إلى إتباع مرضاته، فالمراد بالألم ههنا ألم جرح يقع ويحصل في أحد الفريقين، يقول: إن ألمتم جرحًا يوقعونه فيكم فهم أيضًا يألمون بما توقعونه فيهم، فلا تضعفوا ولا تجنبوا (٤) عنهم، فقد تساويتم في وجود الآلام.

وعلى هذا الثاني دل كلام أبي إسحاق، فإنه قال: أي أن تكونوا توجعون فأنهم يجدون من الوجع فيما ينالهم من الجراح والتعب كما تجدون (٥).


(١) كمجاهد وقتادة والسدي وابن زيد. انظر: الطبري ٥/ ٢٦٢، ٢٦٣.
(٢) انظر: الطبري ٥/ ٢٦٢، ٢٦٣، و"بحر العلوم" ١/ ٣٨٤، و"الكشف والبيان" ٤/ ١١٥ ب، و"النكت والعيون" ١/ ٥٢٧.
(٣) هكذا ما بين القوسين في المخطوط، وقد يكون فيه تكرار، فتكون العبارة: "أوكد داع".
(٤) هكذا في المخطوط، ولعل الصواب: ولا تجبنوا، بباء ثم نون بعد الجيم.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٠٠، وانظر: الطبري ٥/ ٢٦٢، و"زاد المسير" ٢/ ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>