للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علمت أن قُدِحَت مقدم في اللفظ مؤخر في المعنى، وعلى هذا يتوجه قوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} الآية [آل عمران: ٤٣] فبدأ بالسجود قبل الركع لفظًا وهو مؤخر عني (١).

وإذا كان كذلك جرى قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} {وَامْسَحُوا} مجرى قولك: فاضرب زيدًا واشتم جعفرًا، فلو بدأ بالشتم قبل الضرب كان جائزًا، فالفاء لم ترتب الغَسل قبل المَسح، ولا الضرب قبل الشتم، ولم ترتب أيضًا نفس المغسول؛ لأن المغسول معطوف بعضه على بعض بحرفٍ لا يوجب الترتيب وهو الواو.

وقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}.

المِرفق مكسور من اليد والمتكأ، ومن الأمر كقوله تعالى: {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} [الكهف: ١٦]، والارتقاء التوكؤ بمِرفقك على مَرفَق (٢).

(فأما قوله: {إِلَى} فإن أبا العباس (٣)) (٤) وجماعة من النحويين جعلوا (إلى) ههنا بمعنى: مع، وأوجبوا غسل المرافق (٥)، وهو مذهب الشافعي وأكثر العلماء (٦).


(١) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٣٢، ٦٣٣ بتصرف.
(٢) "العين" ٥/ ١٤٩، و"تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٤٤ (رفق).
(٣) لعله المبرد.
(٤) في (ج): (فأما قوله فإن العباس).
(٥) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ١٥٣، و"بحر العلوم" ١/ ٤١٨، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٢١، وابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٢٧، و"الدر المصون" ٤/ ٢٠٨.
(٦) انظر: "الأم" ١/ ٢٥، والطبري ٦/ ١٢٣، و"معاني الزجاج" ٢/ ١٥٣، و"بحر العلوم" ١/ ٤١٨، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٢١، و"زاد المسير" ٢/ ٣٠٠، =

<<  <  ج: ص:  >  >>