للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للشىء الذي لا يد له تشبيهًا بمن له اليد، قال ابن الأعرابي: يد الدهر: الدهر كله، يقال: لا آتيه يد الدهر، ولد المسند، وكقول ذي الرمة:

أَلاَ طَرَقَت ميٌّ هَيُومًا بِذكرِها ... وأيدي الثُّريا جُنَّحٌ في المَغَاربِ (١)

فقوله: "أيدي الثُّريا" استعارة واتساع، وذلك أن اليد إذا مالتَ نحو الشيء ودنت إليه، دلل على قربها منه، ودَنوِّها نحوه، وإنما أراد قرب الثريا من المغرب لأفولها، فجعل له يدِيًّا جُنَّحًا نحوها، وأصل هذه الاستعارة لثعلبة بن صُعَير (٢) في قوله:

ألقت ذُكَاءُ يمِينَهَا في كافِرِ (٣)

فجعل للشمس يدًا في المغيب لما أراد أن يصفها بالغروب. ثم للبيد في قوله: حتى إذا ألقت يدًا في كافر.

يعني الشمس بدأت في المغيب، واعلم أن يدًا وزنها: (فَعْلٌ)، يدل على ذلك قولهم: أَيْدٍ، وجمعهم على أفعُل يدل على أنه: (فَعْلٌ)، لأنه أفْعُلًا جمع فَعْل المختص (٤) به كأَفلُس وأكلُب، كما دل آباء وآخاء على وزن: أخِ وأبِ فَعَلٌ لجمعهم لهما على: أفعال، نحو: أجبال وأجمال، وأفعال جمع فَعَل في الأمر الشائع وإن كان قد جاء نادرًا في جمع فَعْل، نحو: زيد وأزياد، وأنف وآناف، والدال التي هي عين الفعل في يد وإن


(١) "ديوانه" ص ٥٥.
(٢) ثعلبة بن صُعَير بن خزاعي المازني المري، شاعر جاهلي من شعراء المفضليات، "الأعلام" ٢/ ٩٩.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) في (ج): (المختصر).

<<  <  ج: ص:  >  >>