للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآية (١)، قال ابن الأنباري: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجاهر ببعض القرآن أيام كان بمكة، ويخفي بعضه إشفاقًا على نفسه من تسرع المشركين إليه وإلى أصحابه، فلما أعزه الله وأيده بالمؤمنين قال له: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (٢).

وقال أبو إسحاق: أي لا تراقبن أحدًا ولا تتركن شيئًا مما أنزل إليك تخوفًا من أن ينالك مكروه (٣)، قالا (٤): والمعنى في قوله: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك مجاهرًا به، فإن أخفيت منه شيئًا في وقت لخوف يلحقك فما بلغت رسالته، فذلك وله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (٥).

قال ابن عباس: يقول إن كتمت آية مما أنزلت عليك لم تبلغ رسالاتي (٦)، يعني: إنه إن ترك إبلاغ البعض كان كمن لم يبلغ، لأن تركه البعض محبط لإبلاغ ما بلغ، وجرمه في كتمان البعض كجرمه لو لم يبلغ شيئًا مما أنزل الله، في أنه يستحق العقوبة من ربه (٧)، وحاشا لرسول الله أن


(١) انظر: "أسباب النزول" للمؤلف ص ٢٠٤، "تفسير البغوي" ٣/ ٧٨، "زاد المسير" ٢/ ٣٩٦، "الدر المنثور" ٢/ ٥٢٨، وعزاه السيوطي لأبي الشيخ عن الحسن.
(٢) انظر: "تفسير الوسيط" ٢/ ٢٠٨، ٢٠٩.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩٢، انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٩٧.
(٤) أي الزجاج وابن الأنباري.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩٢، انظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٧٩.
(٦) أخرجه الطبري ٦/ ٣٠٧، وانظر: "تفسير الوسيط" ٢/ ٢٠٩، "زاد المسير" ٢/ ٣٩٧.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ٦/ ٣٠٩، "بحر العلوم" ١/ ٤٤٩، "النكت والعيون" ٢/ ٥٣، "تفسير البغوي" ٣/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>