للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكتم شيئًا مما أوحي إليه، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: "من زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئًا من الوحي، فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} ولو كتم رسول الله شيئاً من الوحي لكتم قوله تعالى: {وَتُخْفِي في نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: ٣٧] " (١).

قال مقاتل بن حبان: هذا تحريض من الله نبيه على تبليغ الرسالة (٢).

وقال مجاهد: لما نزلت {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} قال: "يا رب كيف أصنع؟ أنا واحد، أخاف أن يجتمعوا علي" فأنزل الله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (٣).

فكل هذه الأقوال في تفسير هذه الآية تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشفق على نفسه غائلة اليهود والكفار، فكان لا يجاهرهم بعيب دينهم وسب آلهتهم، حتى أمنه الله تعالى بقوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، واختلفوا في قوله: {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} فقرىء (رسالته) (٤) على (٥) واحدة، و (رسالاته) على الجمع (٦)، فمن جمع قال: إن الرسل يبعثون بضروب من الرسالات وأحكام في الشريعة مختلفة، وكل آية أنزلها (٧) الله على رسوله


(١) أخرجه البخاري (٤٦١٢) كتاب التفسير، باب: يا أيها الرسول بلغ، بنحوه، وبلفظه مسلم (١٧٧) كتاب الإيمان: باب ٧٧ معنى قول الله عز وجل {ولقد رآه نزلة أخرى}، ولكن دون: "ولو كنتم ... "، "تفسير الطبري" ٦/ ٣٠٩.
(٢) بمعناه في تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٤٩٢.
(٣) أخرجه الطبري ٦/ ٣٠٧.
(٤) قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي "ابن كثير" وحفص عن عاصم. انظر: "الحجة" ٣/ ٢٣٩.
(٥) تكرر هذا الحرف في (ج).
(٦) قراءة نافع وابن عامر وأبي بكر عن عاصم. انظر: "الحجة" ٣/ ٢٣٩.
(٧) في (ج): (أنزله) بالتذكير.

<<  <  ج: ص:  >  >>