للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التوبة: ١٠٤]، و {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: ١٤] والباء زائدة (١)، وكذلك ما كان معناه العلم كالتبين والتيقن، وهذا ضرب.

والضرب الثاني: فعل يدل على خلاف الاستقرار والثبات نحو: أطمع وأخاف وأخشى وأشفق وأرجو، فهذا ونحوه لا يستعمل بعده إلا الخفيفة الناصبة للفعل، قال الله تعالى: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} [الشعراء: ٨٢]، و {تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ} [الأنفال: ٢٦] {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا} [الكهف: ٨٠] {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا} [المجادلة: ١٣].

والضرب الثالث: فعل يجذب مرة إلى ذاك القبيل، ومرة إلى هذا القبيل، نحو: حسبت وظننت وزعمت، وهذا النحو يجعل مرة بمنزلة: أرجو وأطمع، من حيث كان أمرًا غير مستقر، ومرة يجعل بمنزلة العلم، من حيث استعمل استعماله، وفي هذه الآية أجري مجرى العلم، لأنهم عملوا عليما حسبوا، فكأنه أجري مجرى العلم، (ويمكن) (٢) أن يقال: إنما جعل بمنزلة العلم من حيث كان خلافه، والشيء قد يجري مجرى الخلاف في كلامهم، نحو: عطشان وريان، وكلا (٣) الأمرين قد جاء به القرآن، فمثل قول من نصب وأوقع بعده الخفيفة قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا} [العنكبوت: ٤] {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ} [الجاثية: ٢١] {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: ٢]. ومثل قراءة من رفع: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ} [الزخرف: ٨٠] {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا


(١) سبق التنبيه أن مثل هذا التعبير غير لائق في جانب كلام الله عز وجل، لئلا يتوهم أن في القرآن زائدًا.
(٢) هذه الكلمة ساقطة من (ج).
(٣) في (ج): (وكلي).

<<  <  ج: ص:  >  >>