للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}، قيل: (رقبة) والمراد الجملة؛ لأنه مشبه بالأسير الذي يفك عن رقبته ويطلق (١)، والرقبة المحررة في الكفارة: كل رقبة سليمة من عيب وعاهة تمنع من العمل، صغيرة كانت أو كبيرة، ذكرًا أو أنثى، بعد أن تكون مؤمنة، ولا يجزئ إعتاق الكافرة في شيء من الكفارات (٢).

قال ابن عباس في رواية عطاء: (أو تحرير رقبة) يريد مؤمنة (٣).

وهو قول الحسن أيضًا ومذهب الشافعي (٤)، واحتج بأن الله تعالى قيد بالإيمان في كفارة القتل، وأطلق في غيرها، والمطلق يحمل على المقيد (٥).

قال أبو إسحاق: خُيِّر الحالف بين هذه الثلاثة، وأفضلها عند الله أكثرها نفْعًا وأحسنها موقعًا من المساكين أو من المعتق، فإن كان الناس في جدب لا يقدرون على المأكول إلا بما هو أشد تكلفًا من الكسوة والإعتاق فالإطعام أفضل؛ لأن به قوام الحياة، وإلا فالإعتاق والكسوة أفضل (٦).

وهذا إجماع من العلماء أن المكفر مخير بين هذه الثلاث (٧).

وقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ}، قال الحسن: من كان عنده عشرة دراهم


(١) "تفسير الطبري" ٧/ ٢٦.
(٢) "تفسير الطبري" ٧/ ٢٨ - ٢٩، البغوي ٣/ ٩٢، "زاد المسير" ٢/ ٤١٥.
(٣) أخرج الطبري ٧/ ٢٧ عن عطاء قال: يجزئ المولود في الإِسلام من رقبة.
(٤) "الأم" ٧/ ٦٥.
(٥) "تفسير البغوي" ٣/ ٩٢، "زاد المسير" ٢/ ٤١٥.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٢٠٢.
(٧) حكى الإجماع هنا الطبري ١٠/ ٥٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>