للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَدْلٍ مِنْكُمْ} فأنا عمر وهذا عبد الرحمن (١).

وجوز عمر - رضي الله عنه - أن يكون الجاني على الصيد أحد الحكمين فيما روي أن أربد (٢) أوطأ فرسه (٣) ففزر ظهر، فسأل عمر بن الخطاب فقال له عمر: احكم، فقال: أنت أعدل يا أمير المؤمنين فاحكم، فقال: إنما أمرتك بأن تحكم وما أمرتك بأن تزكيني، فقال: أرى فيه جَدْيًا جمع الماء والشجر، فقال: افعل ما ترى (٤).

قال العلماء: في هذه الآية دلالة على صحة الاجتهاد في الأحكام، لأن الله تعالى جعل الحكم إلى العدلين، وقد يقع في ذلك الاختلاف، فيحكم عدلان في جزاء صيد بشيء، ويحكم عدلان آخران لإنسان آخر في جزاء مثله من الصيد بشيءآخر، وكله حق وصواب.

وقوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ}، قال الزجاج: (هديًا) منصوب على الحال، المعنى يحكم به مقدّرًا أن يهدي (٥)، قال أبو علي: ومثله قولك: معه صقر صائدًا به غدًا، أي مقدرًا الصيد (٦)، وقد سبق بيان هذا في مواضع من الكتاب، و {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} لفظه لفظ معرفة، ومعناه النكره، لأن المعنى:


(١) أخرجه من طريق عبد الملك بن عمير عن قبيصة. الطبري ٧/ ٤٥ - ٤٨، وكذا ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه. "الدر المنثور" ٢/ ٥٨١.
(٢) هو أربد بن عبد الله البجلي، أدرك الجاهلية، ترجمه ابن حجر في الإصابة من القسم الثالث، وذكر قصته هذه. انظر: "الإصابة" ١/ ١٠١.
(٣) أي حمل دابته حتى وطئت الصف، أي داسته (تحقيق شاكر للطبري).
(٤) أخرجه الشافعي في "الأم" ٢/ ٢٠٦، والطبري ٧/ ٤٩، وقال ابن حجر: إسناده صحيح. الإصابة ١/ ١١١.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٢٠٨، انظر: "الطبري" ٧/ ٥٠.
(٦) "الحجة للقراء السبعة" ١/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>