للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس لهذه الآية في رواية عطاء موافق لهذا المذهب؛ لأنه قال في قوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ} يريد تدعهم على المعاصي {فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ}، {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} يريد تعصمهم فلا يتخذوا من دونك وليًّا ولا إلهًا ولا ربًا (١).

{فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: ١١٨] (العزيز) في ملكه (الحكيم) في أوليائه وأعدائه بالثواب والعقاب (٢)، وسقط بهذا التفسير سؤال من اعترض على نظم هذه الآية بأن العزيز الحكيم لا يليق بهذا الموضع، إنما يليق به الغفور الرحيم كالذي في مصحف ابن مسعود (٣)، وهذا التفسير الذي ذكره ابن عباس إنما يصح فيما يستقبل من الشرط على تقدير: إن تعذبهم تعذب عبادك، وإن تغفر لهم تغفر فإنك العزيز الحكيم. والشرط يكون في المستقبل دون الماضي، وإذا كان كذلك دل على أن هذه المخاطبة تكون قبل القيامة.

وأما الذين قالوا إن هذه المخاطبة تكون يوم القيامة يُسأَلُ عليهم فيقال: كيف جاز لعيسى أن يقول: (وان تغفر لهم) والله تعالى لا يغفر الشرك؟ والجواب عن هذا ما قال الحسن وأبو العالية: إن تعذبهم فبإقامتهم على كفرهم وإن تغفر لهم فبتوبة كانت منهم (٤)، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية أبي الجوزاء عنه (٥).

وأما أهل المعاني فإنهم مختلفون في الجواب عن هذا: فقال أبو بكر


(١) انظر: البغوي ٣/ ١٢٢.
(٢) "تفسير الطبري" ٧/ ١٤٠.
(٣) انظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٦٩، والبغوي ١/ ١٢٣.
(٤) "تفسير الوسيط" ٢/ ٢٤٨.
(٥) عزاه في "الدر المنثور" ٢/ ٦١٦ لأبي الشيخ، "زاد المسير" ٢/ ٤٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>