للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حتى يشكوا فلا يدروا أملك هو أم آدمي).

قال الزجاج (١): (وكانوا هم يلبسون على ضعفتهم في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: إنما هو بشر مثلكم، فقال (٢) الله تعالى: {وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا} فرأوا الملك رجلاً لكنا قد لبسنا عليهم؛ لأنه كان يلحقهم فيه من اللبس مثل ما لحق ضعفتهم منهم) أي: فإنما طلبوا حال لبس لا حال بيان. وهذا احتجاج عليهم بأن الذي طلبوه من إنزال الملك لا يزيدهم بيانًا، بل يكون (٣) الأمر في ذلك على ما هم عليه من الحيرة بإعمالهم الشبهة.

وذكر صاحب "النظم" في هذه الآية وجهًا آخر فقال: (إنهم خلطوا على أنفسهم في التماس ما التمسوا، وتكلفوا منه ما لم يحتاجوا إليه، فالتمسوا نزول ملك يخبرهم أنه نبي، وقد كان لهم فيما مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الآيات والدلائل (٤) كفاية وغنية عن نزول ملك، فقال الله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا} الآية.

يقول: لو أجبناهم إلى ما سألوا من ذلك فأنزلنا ملكًا لجعلناه رجلاً مثلهم في الخلقة والصورة، فيكون نزوله مثل طلوع الشمس من مغربها أو قيام الساعة، فلا يقبل مع ذلك إيمان، ولكن يجعله (٥) على سورة رجل، فلبس بذلك (٦) عليهم، أي: يعمى (٧) عليهم؛ معاقبة لتكلفهم ما لم يكلفوا


(١) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٢٣١.
(٢) في (ش): (وقال)، وهو تحريف.
(٣) في (ش): (بل يكون في الأمر في ذلك)، وهو تحريف.
(٤) في (ش): (والدلالات).
(٥) في (ش): (لجعله).
(٦) في (ش): (فلبس في ذلك).
(٧) في (ش): (لعمى معاقبة لهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>