للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مختلفان في المعنى، ولا يتوهمون ذلك إذا اتفق اللفظ) (١).

وعند البصريين (٢) لا يجوز إضافة الشيء إلى نفسه وإن اختلف اللفظ، وقالوا في قراءة ابن عامر: (لم يجعل {الْآخِرَةُ} صفة {وَلَلدَّارُ}؛ لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه، ولكنه جعلها صفة الساعة، وكأنه قال: ولدار الساعة الآخرة، وجاز وصف الساعة بالآخرة كما جاز ذلك في اليوم في قوله تعالى: {وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} [العنكبوت: ٣٦]، فإن قيل: على هذا التقدير الذي ذكرتم يكون قد أقام {الْآخِرَةُ} التي هي الصفة مقام الموصوف الذي هو الساعة، وذلك قبيح! قيل: لا يقبح ذلك إذا كانت الصفة قد استعملت استعمال الأسماء و {الْآخِرَةُ} صارت كالأبطح (٣) والأبرق (٤) في استعمالهما (٥) أسماء. ألا ترى أنه قال تعالى ذكره: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} [الضحى: ٤]، فليست {الْآخِرَةُ} كالصفات التي لم تستعمل استعمال الأسماء (٦)، ومثل {الْآخِرَةُ} في أنها استعملت


(١) "معاني الفراء" ١/ ٣٣٠ - ٣٣١، وقال الأزهري في "معاني القراءات" ١/ ٣٥١: (من قرأ: (ولدار الآخرة) فإنه أضاف الدار إلى الآخرة، والعرب تضيف الشيء إلى نعته، وهو كثير فصيح جيد) ا. هـ. بتصرف. واختار هذا التوجيه البغوي ٣/ ١٣٩.
(٢) انظر: "الأصول" ٢/ ٨، و"أمالي ابن الشجري" ٢/ ٦٧، و"الإنصاف" ص ٣٥٣، و"المغني" لابن هشام ٢/ ٦٢٦، واختار هذا التوجيه أكثرهم. انظر: "المشكل" ١/ ٢٥١، و"البيان" ١/ ٣١٩، و"الفريد" ٢/ ١٤١.
(٣) الأبطح: مسيل والتسبيح فيه دقاق الحصى. انظر: "القاموس" ص ٢١٣، (بطح).
(٤) الأبرق: كثير التهديد والتوعد. انظر: "القاموس" ص ٨٦٦. (برق).
(٥) في (أ): (استعمالها).
(٦) قال السمين في "الدر" ٤/ ٦٠٠، في توجيه كلام البصريين: (وحسن ذلك أيضًا في الآية كون هذه الصفة جرت مجرى الجوامد في إيلائها العوامل كثيراً. وكذلك كل ما جاء مما توهم فيه إضافة الموضف إلى صفته، وإنما احتاجوا إلى ذلك لئلا =

<<  <  ج: ص:  >  >>