للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما يقولون: متى تظنك خارجًا ومتى تراك. وذلك أنهم أرادوا الفصل بين الفعل الذي قد يُلغى وبين الفعل الذي لا يجوز إلغاؤه، ألا ترى أنك تقول: أنا أظن خارج فتلغي أظن، وقال الله تعالى: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٧]، ولم يقل: رأى نفسه، وجاء في ضرورة الشعر إجراء الأفعال التامة مجرى النواقص، قال جران العود (١):

لَقَدْ كَانَ لي في ضَرَّتَيْنِ عَدِمْتُني ... وما كنت ألقى من رزينة أبرحُ (٢)

والعرب تقول: عدمتني ووجدتني وفقدتني، وليس بوجه الكلام) (٣) وهذا كله صحيح، ولم يخالف إلا في الكاف التي في أرأيتك بمعنى أخبرني، فإنه قال: [(موضع الكاف نصب وتأويله رفع؛ لأن الفعل محول عن التاء إليها، وهي بمنزلة الكاف في دونك إذا أُغري بها، كما تقول: دونك زيدًا، فتجد الكاف] (٤) في اللفظ خفضًا وفي المعنى رفعًا؛ لأنها


(١) جِران العَوْد، هو: عامر بن الحارث بن كلدة النُّمَيري، شاعر إسلامي وصاف. وجران العود لقب غلب على اسمه، وهو بالكسر وفتح الراء: جلد عُنُق الدابة، سمي به؛ لأنه اتخذ منه سوطًا، وأورده في شعره.
انظر: "كنى وألقاب الشعراء" لابن حبيب ص ٣٥، و"الشعر والشعراء" ص ٤٨٠، و"المبهج" لابن جنى ص ١٦٩، و"الصحاح" ٥/ ٢٠٩١ (جرن)، و"اللباب" لابن الأثير ١/ ٢٦٩، و"تاج العروس" ١٨/ ١٠٦ (جرن)، و"الأعلام" ٣/ ٢٥٠.
(٢) "ديوانه" ص ٣٩، ٤٠، و"الدر المصون" ٤/ ٦٢٢، وهذه هي رواية الفراء في "معانيه" ١/ ٣٣٤، وفي المراجع:
لقد كان لي عن ضرتين عدمنني ... وعَمَّا أُلاقي منهما مُتَزَحْزِحُ
والشاهد: عدمتني: حيث جمع بين ضمير الفاعل والمفعول.
(٣) "معاني الفراء" ١/ ٣٣٣ - ٣٣٤، بتصرف واختصار، ونصر الواحدي عند السمين في "الدر" ٤/ ٦٢١ - ٦٢٢ عن الفراء.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>