للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مأمورة، فكذلك هذه الكاف موضعها نصب وتأويلها رفع) (١)، قال الزجاج: (وهذا القول لم يقله النحويون القدماء وهو خطأ؛ لأن قولك: رأيتك زيدًا ما شأنه لو تعدت الرؤية إلى الكاف وإلى زيد لصار المعنى: أرأيت (٢) نفسك زيدًا ما شأنه وهذا محال. قال: والذي يذهب إليه النحويون الموثوق بعلمهم أن الكاف لا موضع لها، وإنما المعنى: أرأيت زيدًا ما حاله، وإنما الكاف زيادة وهي المعتمد عليها في معنى الخطاب) (٣).

قال أبو علي: (قولهم: أرأيتك زيدًا ما فعل، بفتح التاء في جميع الأحوال، فالقول في ذلك أن الكاف في أرأيتك لا يخلو من أن يكون (٤) للخطاب مجردًا ومعنى الاسم مخلوع منه (٥)، أو يكون دالًّا على الاسم مع دلالته على الخطاب، فالدليل على أنه للخطاب مجردًا من علامة الاسم أنه لو كان اسمًا وجب أن يكون الاسم الذي بعده في نحو قوله تعالى: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} [الإسراء: ٦٢]، وقولهم: أرأيتك زيدًا ما صنع لو كان الكاف اسمًا ولم يكن حرفًا للخطاب لوجب أن يكون الاسم الذي بعده الكاف في المعنى، ألا ترى أن أرأيت يتعدى (٦) إلى مفعولين يكون الأول منهما هو الثاني في المعنى، وفي كون المفعول الذي بعده ليس الكاف، وإنما هو غيره دلالة على أنه ليس باسم، وإذا لم يكن اسمًا كان


(١) انظر: "معاني الفراء" ١/ ٣٣٣.
(٢) أي يصير لها فاعلان هما التاء والكاف.
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ٢٤٦.
(٤) في (أ): (لا تخلو من أن تكون).
(٥) في (ش): (منها)، وهي في بعض نسخ الحجة لأبي علي ٣/ ٣٠٨.
(٦) في (ش): (تعدى).

<<  <  ج: ص:  >  >>